سألني صديق عربي، ذو منصب أممي رفيع، عن أزمة من الأزمات العديدة في منطقتنا، وإن كان هناك مؤشر على نهايتها، فلم يتأخر ردي لحظة واحدة، وكان جوابي «لا... شخصيًّا لا أرى مؤشرات حتى الآن، ولا اعتقد أنها ستنتهي في الأجل المنظور، وإن انتهت في شكلها الحالي ستبقى تبعاتها في شكل... أزمة أخرى، ولربما بنزيف مستمر، أي إنها كالأخريات، أزمة تَلِدُ أخرى.....»، وأبدى صديقي استغرابًا شديدًا، فسألني فورًا «ولماذا برأيك؟؟»، فأجبته فورًا: «لأننا في منطقة قوس الأزمات التي رسمها ونَظّر لها، زبغنيو بريجنسكي، مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، في منتصف سبعينيات القرن الماضي... وأرجو أن ترجع بذاكرتك إلى الوراء، واقرأ أحداث المنطقة منذ ذلك التاريخ حتى يومنا هذا، وتذكّر الأزمات المتتابعة التي عشناها، وقل لي، هل حُلّت أزمة واحدة منها؟... أؤكد لك أنك ستنتقل بين أزمات لم تنته وأزمات انتهت في شكلها بعد أن وَلّدَتْ أزمة أخرى... وهكذا.... فمن أين تريدني أن أبدأ؟ هل أبدأ من أزمة الحرب الأهلية في لبنان التي بدأت في منتصف السبعينيات واستمرت 15 عامًا وخلقت أزمة أكبر منها (حزب الله) قبل أن تنتهي في بداية التسعينيات، أم من الحرب الإيرانية العراقية التي بدأت في بداية الثمانينيات واستمرت ثماني سنوات، ولكنها لم تنته حتى اليوم، أَم.......». ومن هنا سأبدأ مقالي الذي اختصرت بعضه شفويا لصديقي العربي.