يعد كتاب "نظام التفاهة" الأول من نوعه، حتى الآن، من حيث اسلوب الطرح وأدواته، ومن حيث تصديه للظاهرة ببعدها السياسي الخطير وبرؤية أنثروبولوجية شديدة المطابقة مع الواقع، بما يمكن اعتباره فناراً يضيئ الطريق لمعرفة مفاهيم هذا النظام كواحد من أهم وأخطر المناهج السياسية التي تم تنفيذها، وكأهم وأخطر العوامل التي تقف وراء ما يجتاح عالمنا الراهن من حروب وعنف مفرط وشعبوية، وعودة الاستعمار مجدداً، مع طغيان سياسي، وأنماط مختلفة من اللاعدالة واللإنسانية والتطرف وتوحش رأس المال في السياسات الدولية التي يعاد تشكيلها بمنظومة قانون الغاب، ليأكل القوي به الضعيف دون رادع.

بتكلفة تزيد على 14 مليار دولار (50 مليار شيكل) استخدمت إسرائيل آلاف الأطنان من القنابل والصواريخ في معركة إبادة لا شبيه لها في التاريخ، لذبح قطاع غزة بشراً وحجراً، وتحويله إلى أرض جرداء بدون شعب، في جريمة إبادة جماعية (جينوسايد Genocide ) لقتل البشر، وإبادة المنازل (دوموسايد Domicide) لمحو كل معالم وخريطة البلاد بما فيها الطرقات والشوارع وحتى العناوين (قتل أكثر من 32623، وجرح أكثر من 75092، ونزوح أكثر من مليون نسمة). وبحسب تحليلات اقتصادية جادة، وبأرقام مستمرة في الارتفاع كل يوم مع استمرار الحرب بمدى زمني مفتوح بلا حدود، عملت هذه التكلفة الباهظة على زيادة عجز ميزانية الكيان الصهيوني. (ورد مصطلح "دوموسايد" في تقرير لصحيفة "هآرتس" العبرية، بإنه مصطلح معروف أكاديميا على غرار "جينوسايد"، وهو تعريف لـ"قتل المنازل" الذي يشير في المقام الأول إلى "استحالة العودة إلى الوطن في نهاية الحرب، لأنه لا يوجد مكان للعودة إليه").