وكما تؤكد الكاتبة الصحفية سميرة رجب، فإن دور المعارضة في الأنظمة الديمقراطية، أو حتى التي تتجه نحو الديمقراطية في عملية الإصلاح وليس الثورة أو الانقلاب هو دور مكمل لأدوار الحكم أو الحزب الحاكم في العملية الإصلاحية التي يجب أن يتفق عليها الطرفان، وليس الاختلاف مع النظام لدرجة العصيان أو العنف أو تحريف العملية الإصلاحية وتدمير الوطن ومصالحه من أعمال المعارضة في كل الأنظمة الديمقراطية.

فجأة، وخلال شهر أكتوبر 2006، السابق لشهر الانتخابات التشريعية الأمريكية (7 نوفمبر 2006)، بدأت تداعيات الحرب على العراق تتسارع بخطى واسعة، وبدأت تتكشف الحقائق التي طالما عمل المحتلون على تغطيتها والتعتيم عليها كي لا يتعرف العالم على الوضع المفزع الذي وصل له حال العراق في ظل الغزو والإحتلال الأمريكي.. وكي لا تتكشّف هذه الأخبار بكل فضائحها أمام الشعب الأمريكي الذي بدا احتجاجه واضحاً ومتصاعداً مع تزايد عدد التوابيت القادمة من العراق والمحملة بجثامين أبنائهم، ومع عدم وضوح أية نهاية محددة لهذه الحرب العدوانية المدمّرة، التي تأكد للعالم بأنها حرب لا سبب لها ولا هدف سوى حماية مصالح شركات النفط ومصانع الأسلحة الأمريكية.. وظهر ذلك الاحتجاج بشكل أكثر وضوحاً في نتائج الانتخابات التشريعية الأمريكية التي خسر فيها الحزب الجمهوري، الذي أدخل بلادهم في أتون حرب عرفوا بدايتها ولا يعلمون متى وما هي نهايتها..
وبعيداً عن نشاط الآنسة رايس الدبلوماسي بين دول الخليج الستة + 2، وحركة الإدارة الأمريكية، وخطابات رئيسها وتصريحات أعضائها، والتصعيد الإعلامي السابق للانتخابات، الذي بدأ يكشف بالصورة والخبر الفظائع التي تعيشها القوات المحتلة في العراق..

من المؤكد أن أية معركة تحقق، كحد أدنى، خسائر للكيان الصهيوني، حتى لو لم تحقق نصراً عربياً، تعد من البشائر السارة على نفوس العرب، من شأنها، وكحد أدنى، أن تذيب شيئاً من الإحباط النفسي العربي وتعلو بالمعنويات والآمال الوطنية والقومية العربية بما يمَكّنها من الاستمرار في مسيرة النضال التحرري الطويلة... وتعد تلك المعارك الجانبية وعمليات المقاومة، عموماً، ضد الكيان الصهيوني بمثابة شموع منيرة تضيء طريق النصر والتحرير، لتبقى قضية فلسطين ويبقى الشعب الفلسطيني متمسكاً بحقوقه الكاملة على أرضه، ويبقى عدم الشرعية من أهم سمات الكيان الصهيوني المصطنع، مع استمرار حالة عدم الاستقرار والأمان في داخل مجتمعاته.
ولكن عندما تتحول حالة المواجهة مع الكيان الصهيوني إلى لعبة تحقيق مصالح إقليمية خارج إطار المصالح الفلسطينية والعربية، وخارج دائرة حسابات القوة وتوازناتها، أو عندما تفرض الحروب المدمرة على المنطقة بهدف تحريك القضية ليس إلا او غطاء لمشروع آخر غير عربي، فمن المؤكد إن الخاسر الأكبر في هذه المواجهة والحروب سيكون العرب عموماً والشعب الفلسطيني خصوصاً.
وفي منحى الخسائر والانكسارات، ورغم إن التاريخ الاستعماري في منطقتنا قد خط لنا الدروس والعبر التي كان يجب أن تخلق شيئاً من الوعي والإدراك للتحصين ضد تكرارها، إلا إن ردود الأفعال العفوية التي نتعامل بها كشعوب وأنظمة عربية باتجاه كل حدث جلل يحل على المنطقة، تشير إلى إننا لم نستوعب كل تلك الدروس المكررة، ولم نفهم الصيرورة الموحدة لحركة الأحداث الكبرى التي تحل علينا، في غفلة من الزمن، فينقسم الناس بين التأييد والمعارضة، والحماس والإحباط، وينشغلون بالانقسام ورفض كل فريق للآخر، عن البحث عن الحقيقة ومواجهتها والتصدي لها.