لربما لم يعد يختلف اثنان اليوم على أن منطقتنا العربية إجمالاً، وفي مقدمتها الشأن الفلسطيني، تتجه نحو المزيد من الانهيار السياسي والتشظي العسكري، وارتهان في الإرادة، وتهديد في السيادة والأرض والديموغرافية...

تعيش المنطقة العربية عمومًا حالة من الاختراقات الدولية والإقليمية منذ سقوط النظام الدولي القديم، الثنائي القطبية، الذي كان أهم مميزاته هو الحفاظ على التوازن الأمني في العالم نتيجة التنافس بين القوتين العظميين.

تعيش منطقتنا العربية حالة ساخنة من الحروب والصراعات المستمرة منذ بداية هذا القرن، هي نسخة جديدة من الحروب تختلف عن القديمة... حروب تم صناعة أسبابها وأهدافها ونتائجها في خارج المنطقة، إذ أن لا مصلحة لشعوب وحكومات المنطقة بها، بل هي تصنع مجموعة من المصالح لأقطاب دولية عبر الغزو والاحتلال والقتل والتدمير والتشريد والابتزاز، والارهاب. إن حروب المنطقة العربية اليوم تختلف عن حروب القرن العشرين، بأدواتها، ولكنها لا تختلف في أبعادها السياسية والاقتصادية والثقافية...

المداخلة الأولى- المحور الأول: الصين، أوروبا، الخليج، تركيا، روسيا والولايات المتحدة الأمريكية: نحو اضطراب عالمي جديد

يعتبر موضوع الصراع أو التنافس بين أقطاب وكتل إقليمية ودولية على الشكل المستقبلي الذي سيتّخذه النظام العالمي الجديد هو أساس مشكل الاضطراب الحالي الحاصل على المستوى الدولي وما يتضمنه من تباينات في المواقف السياسية والسياسات الاقتصادية وبالتالي التباعد في مستوى المصالح لكل طرف.

سوف أحاول من خلال هذه المداخلة تسليط الضوء على التحديات الاقتصادية الجديدة التي تواجهها منطقة الخليج العربي في ظل بوادر نظام عالمي جديد، وانتشار الإرهاب وتدهور أسعار النفط. تميزت اقتصاديات دول الخليج العربي خلال القرن العشرين بالنمو المتواتر والمتسارع الذي لم يتم في الحقيقة قياسه بصورة واضحة. وقد تحولت منطقة الخليج العربي، وبالتحديد دول مجلس التعاون الخليجي في فترة وجيزة إلى أسواق استهلاكية ناشئة مهمة جدّا من الناحية الاستراتيجية بالنسبة لعدد كبير من الدول وخاصة منها الدول الصناعية.