أول ما يرد في خاطر أي زائر غريب عند زيارته للصين، ومشاهدته لهذه لعظمة هذه الدولة، هو مدى كذب الإعلام الغربي الذي حاول على مدى عقود طويلة إظهار هذه الدولة العظيمة بكل معايير العظمة وكأنها إحدى دول العالم الثالث التي تتمرغ شعوبها في الفقر والتخلف والجوع..
هكذا كان انطباعي الأول عند زيارتي للصين لأول مرة..

عشنا فترة السبعينيات حينما تم فتح كل الأبواب وتسهيل كل الإجراءات والقوانين، على مستوى خليجنا العربي، لاستقدام العمالة الأجنبية الرخيصة، وخصوصاً الآسيوية، لتحل مكان العمالة الوطنية في جميع مجالات العمل، دون استثناء، ضمن سلسلة من الخطط التي عملت على تغيير ثقافة المجتمع الخليجي في كل مناحي الحياة، وأهمها التعليم والعمل..
منذ ذلك التاريخ، وبسبب رخص استيراد العمالة، ويسر السيطرة على العامل الأجنبي عبر نظام "الكفيل" اللاإنساني، وفي ظل عدم وجود أية رؤية مستقبلية تختص بسياسات العمالة في الخطط الإنمائية وأطرها المرحلية، وعدم وجود خطط استراتيجية من شأنها المسك بزمام التغيير على أسس علمية وملبية لمصالح الوطن والمواطن، ضمن كل هذه الأسباب والظروف الاستثنائية، وغير السوية، بدأ المجتمع الخليجي عموماً ينحى باتجاه ممارسات سلبية ودخيلة عليه في بيئة العمل والعمالة.

في 28 يناير 2009 عقد المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس فعالياته، في حضور أكثر من 40 رئيس دولة وحكومة، وعدد كبير من صانعي وراسمي السياسات الاقتصادية والسياسية.. والجديد في المنتدى هذا العام إنه كان قد انعقد في أوج تفاعلات الأزمة المالية والاقتصادية التي تجتاح العالم، منذ الإعلان عنها في الربع الأخير من عام 2008، والتي قال عنها رئيس المنتدى، ومؤسّسهُ، البروفسور "كلاوس شواب" في جلسة الافتتاح: "إن العالم يقف الآن في قلب أزمة بالغة التعقيد بصورة يصعب تفهمها، لأنها لا تتعلق فقط بأزمة الرهن العقاري، بل بأزمات أخرى موازية لها، وحتى لو لم تكن الأزمة المالية طفت على السطح، كنا سنجد الاقتصاد العالمي أيضاً في تراجع"..
فكان من المؤكد أن يشغل هذا الحدث العالمي إهتمام منتدى دافوس (2009)، وأن يشكّل البند الرئيسي، ولربما الوحيد، في أجندته، وهذا ما انعكس على شعار المنتدى: "قولبة عالم ما بعد الأزمة"، (Shaping the Post-Crisis World)، في إشارة واضحة إلى التغيير الذي سيجتاح العالم على مستوى التشريعات والسياسات المالية، وبدء عصر إقتصادي مختلف تماماً، يشار إليه بـ"عالم ما بعد الأزمة"..

لربما هي المرة الأولى التي ترتفع فيها الأصوات البحرينية، ضد الارادة الملكية بالعفو، الذي شمل هذه المرة، المتهمين والمعتقلين في جرائم الارهاب والتدمير والقتل السياسي التي شغلت مملكتنا الحبيبة مؤخراً، وحاولت خلالها جماعات العنف استقطاب اهتمام الاطراف الخارجية لتحقيق أهداف غير مشروعة.. وخصوصاً إن هذا العفو قد تكرر لمرات عديدة، دون أن يُثبت الُمعفَى عنهم تفهماً لهذا الكرم، أو وعياً وطنياً يُنهي هذا التأزيم المفتعل والمستمر في هدر طاقات شابة وتعطيل مصالح الوطن.
ومع تفهّمنا وتقديرنا، بل وإجلالنا، لإرادة عاهل البلاد الجادة والمخلصة في لم شمل الوطن وكل أفراد شعبه بعطفه وأبوته ورعايته، وإثبات صدق وحسن نواياه بتكرار العفو عن المتهمين في قضايا أمنية، وأمله في أن يتفهم أبنائه معنى هذا "العفو عند المقدرة" لتجنب سلوك العنف والتدمير الذي وصل إلى حد القتل وزهق أرواح بريئة بأيادي أطفال تم اختطاف براءتهم ليتحولوا إلى قَتَلَة، رغم تفهمنا لكل هذا السمو في نوايا جلالة الملك، ومحاولتنا الوقوف إيجاباً مع إرادته السامية.