كان انشاء النظام الرسمي العربي (الجامعة العربية) من مخرجات نتائج الحرب العالمية الثانية، ومن متطلبات نجاح مشروع سايكس بيكو، الذي صنع أكثر من 20 دولة عربية داخل حدود موسومة باضطرابات في الرؤية السياسية لمفاهيم أنظمة الحكم وإدارة الدولة، وفي الرؤية الفكرية لمفاهيم سيادة الدولة وعلاقاتها القومية والإقليمية والدولية، في واقع إقليمي كان ولايزال الأكثر اضطراباً على مستوى العالم، وواقع دولي بدأ يتشكل حينه بضوابط وقوانين حرب باردة متعددة الأقطاب، كل قطب يهدف الاستحواذ على المزيد من النفوذ والهيمنة الدولية.

مع بداية العقد الثالث في الألفية الجديدة (2021) اكتملت أركان النظام الدولي الجديد الذي سيعيش العالم تفاصيله على مدار زمن طويل قادم... وتجلت ملامحه في الشرق الأوسط عند توقيع الصين وإيران على اتفاقية برنامج التعاون الشامل بينهما، والتي تعد حلقة في سلسلة المشروع الصيني لبناء تكتل شرقي-عالمي بمعايير جديدة في العلاقات والسياسات الدولية.

يُعدُّ موضوعُ حربِ المعلوماتِ والتضليل الإعلامي (The War of Information and Misinformation)، على أهميته، موضوعًا قديمًا جدّا، تم استخدامه وممارسته في إدارةِ السياسة العامة والتأثير على الرأي العام وضرب الخصوم، والتأثير في العلاقات بين الدول وإعلان الحروب ووقفها، لكن أهميته تزايدت بشكلٍ كبير في السنوات الأخيرة مع تكثيفِ استخدام وسائل الإعلام الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي من قِبَل الأفراد والمجموعات والدول، والزيادة في امتلاك شركات التكنولوجيا للمعلومات والسيطرة عليها وتوجيهها، مّا أدّى إلى بروز إشكاليات جديدة أكثر تعقيدًا، من أبرزها انتشارُ الأخبار الوهمية (Fake News)، والتزييف العميق (Deep fake)، وانتهاك الخصوصية وظهور نوع جديد من الديكتاتورية المعلوماتية التي تمارسها شركات التكنولوجيا الكبرى، من خلال تحكّمها في منابع وخط سير المعلومات والقدرة على التلاعب بها أو توجيهها، وبالتالي القدرة على التغيير في السلوك والتأثير في العقول.

ربما ألطف وأعمق مقولة جاءت بخصوص أهمية قراءة التاريخ هي مقولة خطيب روما المميز ماركوس سيسرو... المعروف بـ"شيشرون"، الذي عاش في القرن الأخير قبل الميلاد "من لا يقرأ التاريخ يبقى أبد الدهر طفلا صغيرا"، لذلك اهتمت الأمم بمراجعة التاريخ أثناء وضع خططها النهضوية أو التنموية، لتتعرف على الأخطار والمعوقات التي قد تعود وتكون سبباً في عدم الاستقرار والفشل.

بدا أكيداً وصول الرئيس المنتخب جو بايدن للبيت الأبيض... وخاب أمل من كان يعتقد بأن دونالد ترامب سوف يفوز بولاية ثانية، أو إنه واتباعه سيشعلون حرباً أهلية أمريكية إن خسر هذه الولاية. وما يهمنا في كل هذا هو أنه بعد سنوات طويلة من تناوب الادارات الأمريكية في البيت الأبيض، ما بين الجمهوريين والديموقراطيين، بات في حكم الأكيد بأن تاريخ العلاقات الأمريكية العربية يُثبت أنها مبنية أساسا على المصالح، بالرغم من بعض الاختلافات الطفيفة في الاستراتيجيات المتبعة في إدارة العلاقات بين الطرفين، طبقا لنوع الإدارة التي تحكم في واشنطن.