يعيش الشعب البحريني اليوم، الذكرى السابعة لنجاح الاستفتاء الشعبي على ميثاق العمل الوطني في 14 فبراير 2002، وهو اليوم الذي انتقلت منه البحرين إلى كتابة تاريخها الجديد، بمبادرة إصلاحية شاملة أطلقها جلالة الملك، ليفتح بها أفاقا جديدة في علاقة القيادة السياسية والشعب وبناء نموذج جديد من التواصل بين أفراد الشعب وقيادتهم من اجل البناء والتقدم.

تاريخ ما بعد العراق، بدأ عند المفصل الزمني المحدد بانطلاق المشروع الشرق الأوسطي الاستعماري الأمريكي على أنقاض خريطة سايكس بيكو الأستعمارية الأوروبية على الأرض العربية.. فغزو واحتلال وتدمير العراق عام 2003 كان بمثابة وضع حجر أساس مرحلة استعمارية جديدة، بدأت بإزالة أقوى وأغنى دولة عربية كان من أهم أدوارها، الجيوسياسية والتاريخية، الدفاع عن المنطقة ضد الأطماع الإستراتيجية العدائية الإقليمية والغربية المتجددة باستمرار..
يمكن تعريف هذه المرحلة (ما بعد العراق) بأنها فترة إفتقاد العرب لعناصر القوة في حسابات توازن القوى الإقليمية، لتمكين رسم خريطة الشرق الأوسط الجديد بخطوط مذهبية وأثنية.. وقد تم بنجاح وضع أسس الخريطة الأولية بما تم إشعاله حتى الآن من إنقسامات سياسية وصراعات طائفية وأثنية في مجمل المجتمعات العربية، وبما تم تأسيسه من علاقات وتحالفات عربية أجنبية تصنع وتؤجج المزيد من الخلافات والانقسامات العربية العربية على مستوى المنطقة برمتها..

شنت، ولاتزال، بعض الأحزاب الدينية حملة إعلامية شرسة ضد كل ما تم إعلانه عن الخلية الإرهابية، التي كانت تستهدف أمن الشعب البحريني، وقد سخرت هذه الأحزاب، لأجل ذلك، كل وسائلها الإعلامية، عبر النت ومنشوراتها الداخلية، وعبر الصحيفة اليومية الموالية لها، وعبر التابعين لها في باقي الصحف اليومية، وعبر منابرها الدينية، وعبر المجلس النيابي.. وبعد أن وصلت أقلامها وبياناتها ومنابرها إلى مرتبة السفاهة والترقيع والشتم والقذف بمسرحيات ومقالات عصبية ومتطرفة لا يتناولها عقلاء، لا يمكن إلا التأكيد على أن هذا الإعلام ما هو إلا وسيلة تدافع بها تلك الأحزاب عن نفسها ضد تهمة الإرهاب، رغم عدم ورود أسماءها مباشرة في اعترافات المتهمين، أو ربما لقطع الطريق على أية اتهامات قد توجه لها لاحقاً عند إعلان تفاصيل المحاكمات..
والأهم من ذلك، يمكن أن نعلق أسباب قوة تلك الحملة الإعلامية في الدفاع عن الخلية الإرهابية، على إنها إشارة إلى مدى الضرر البليغ الذي لحق بمسيرة عمل هذه الأحزاب بعد إنكشاف العمل الإرهابي.. وخصوصاً إنها أحزاب لطالما اعتمدت على الكذب والمخاتلة والمخادعة ما بين العمل على تصعيد العنف والإرهاب الفكري والجسدي من جهة، والاختباء خلف الشعارات السلمية وإبداء التوافق على المبادرة الإصلاحية لجلالة الملك وإدعاء الإضطهاد والمظلومية من جهة أخرى..
وكما في كل حالات الكذب والخداع، فإن اعتماد تلك الأحزاب لهذا الإسلوب في العمل ما هو إلا لتغطية أدوار غير مشروعة..