كيف يمكن أن نسمي هؤلاء . . معارضة؟

وكما تؤكد الكاتبة الصحفية سميرة رجب، فإن دور المعارضة في الأنظمة الديمقراطية، أو حتى التي تتجه نحو الديمقراطية في عملية الإصلاح وليس الثورة أو الانقلاب هو دور مكمل لأدوار الحكم أو الحزب الحاكم في العملية الإصلاحية التي يجب أن يتفق عليها الطرفان، وليس الاختلاف مع النظام لدرجة العصيان أو العنف أو تحريف العملية الإصلاحية وتدمير الوطن ومصالحه من أعمال المعارضة في كل الأنظمة الديمقراطية.

لكن  - تستدرك الكاتبة - هذه الديمقراطيات والمعارضات في منطقة كمنطقتنا العربية المعروفة بكثرة التوترات والتدخلات الأجنبية، تعد حالة خاصة تُلزم جميع الأطراف أن تكون على وعي كامل بها،،، واعتقد أن القول بعدم وجود خصوصيات في الديمقراطيات غير صحيح، فليست الديمقراطية الأوروبية كالأمريكية، ولا الآسيوية كالغربية، لذلك يجب أن نسلّم بأن لكل أمة شأنا اجتماعيا وثقافيا وسياسياً خاصاً، وأن التحول الديمقراطي في منطقتنا لا يشبه أي تحول في أي منطقة أخرى، ولا ننسى أننا في منطقة استراتيجية هي الأكثر ثراء في الجانب النفطي، وهذه بحد ذاتها خصوصية شديدة الخطورة، وإذا لم نعي هذا فغننا نسير في مسيرة خاطئة نحو الديمقراطية. . ولعل البحرين تتمتع بأهمية مضاعفة ف هذه الخصوصية، فهي أكثر الدول المنطقة نشاطاً سياسياً وثقافياً، كما هي محط أطماع السياسات الإقليمية، وإذا نجحنا في إعداد حالة ديمقراطية سليمة فإنها ستنجح في المنطقة بشكل عام، لذلك يعوَل علينا الكثيرون.
والأمر المهم في الحالة البحرينية التي كانت منذ عقود طويلة، ولا تزال، هدفاً للأطماع والتدخلات الأجنبية والإقليمية المباشرة.
مقدمة هامة عرضتها الكاتبة سميرة رجب لملابسات الوضع السياسي بالمنطقة، ولكن ما تأثير ذلك على المعارضة وسلوكياتها بالبحرين؟
تجيب بقولها: في اعتقادي ان المعارضة بالبحرين ليشت شكلاً واحدا، فهناك المعارضة السليمة التي تنظر إلى العملية الديمقراطية نظرة رشيدة، ولها هدف وطني وقومي سليم ولا تفصل البحرين عن مداه القومي العربي والإسلامي، ومن هذا المنظور تنطلق في علاقتها مع النظام والشعب. وهناك معارضة يعمل جزء منها من خلال املاءات ثقافية قاصرة، والجزء الآخر يعمل من خلال املاءات خارجية مركزية وموجهة أيديولوجياً، وان كل الظواهر التي نشهدها من تراشقات واعتصامات ومظاهرات وعنف تعطي مؤشرات كبيرة على التصاقها بأحداث إقليمية أكثر من اهتمامها بإصلاح الشأن الداخلي. وهذه الفئة لا تمثل حالة صحية للمعارضة في أي ديمقراطية ولا يمكن أن نسميها معارضة وإنما استغلال مصطلح المعارضة والعمل تحت مظلته لتحقيق أغراض غير وطنية وتحقق مصالح أجنبية، وأكبر دليل على ذلك ما يحدث أمانا اليوم من فرض املاءات على ألوف البشر في المقاطعة أو المشاركة في الانتخابات أو اختيار هذا المرشح أو ذاك بتوجيه ديني وطائفي بحت، فهي املاءات لا علاقة لها بالديمقراطية، وهؤلاء فقدوا أهم حقوقهم الديمقراطية، التي طالبوا بها سنوات، وهو حق الاختيار، إذن ما تمارسه المعارضة البحرينية في هذا الجانب لا علاقة له بالديمقراطية، بقدر ما هي عملية لإيصال جماعات معينة إلى البرلمان لتحقيق أجندة خفية أكثر خطورة من أجندتها المعلنة.
إضافة إلى ذلك هناك فئة ثالثة تضع نفسها في خانة المعارضة أيضاً وتلبس رداءها ولكنها تعمل من خلال النظام.
وبشكل عام –تتابع سميرة رجب- فإن مؤشرات المشهد السياسي وأداء المعارضة يشير أولا إلى ضعف في الثقافة السياسية بالمجتمع البحريني، وكان يجب على المعارضات والأحزاب والإعلام البحريني أن يعملوا جميعاً على رفع مستوى هذه الثقافة حتى يكون الشارع قادراً على التقرير والاختيار بعيداً عن ضغوط المؤثرات الدينية والطائفية. وإلى جانب ذلك تؤكد أحداث الساحة أننا بحاجة إلى قانون الأحزاب ليصبح العمل السياسي واضحاً من جهة، ولكي يعلن كل طرف سياسي هويته والطرف الذي ينتمي إليه، وطنياً أو خارجياً. . وهذا جزء أساسي من العملية الديمقراطية. وثالثا نحن بحاجة إلى قوانين تشرّع للأحزاب وتنص بوضوح على قيود الاتصال بالخارج والولاء للأجنبي، خاصة أننا واقعون، كما أشرت، في مأزق الأطماع الإقليمية والخارجية. والأمر الآخر أن انقطاع الناس عن العمل السياسي بشكل عام كان له تأثير على إعداد جيل عريض لا يعرف عن أصداء السياسية، وباعتقادي يجب أن يكون هناك توجيه مركزي لتوعية الشارع بالأولويات الوطنية بما في ذلك مفهوم المعارضة، وتعريف الهوية، ورفع الحس الوطني والقومي والعروبي، حتى يعي الشارع والنظام، وبين المعارضة والنظام، على أن يكون المحك هنا هو الوعي والصالح العام والولاء الوطني والقومي، وإلا ستبقى الأمور مختلطة يستفيد منها العدو. . ومتى ما استطعنا أن نحدد للشارع هويته ونعطيه جرعات قوية من الانتماء الوطني والقومي والوعي الثقافي والسياسي.