القتال تحت راية ألله أكبر

هناك مؤشرات كبيرة من خلال مختلف وسائل الإعلام الغربية والعربية بأن هناك مقاومة شديدة ضد العدوان الأمريكي الغازي للاراضي العراقية، وإنه بعد مرور أكثر من أسبوعين على الحرب لا زالت هذه القوات الغازية تعاني من خسائر كبيرة بشرية وآلية في المناطق والمدن الحدودية التي لم تتمكن حتى هذا اليوم من فرض سيطرتها عليها، كما في أي موقع يصلون إليه في تقدمهم السريع على الشوارع الرئيسية خارج المدن العراقية.

إن ما يحدث اليوم من مقاومة عراقية شرسة ضد العدوان الثلاثي (الأمريكي البريطاني الصهيوني) على العراق ، تحت راية الله أكبر، دفاعاً عن الأرض العراقية وشرف وعزة أهلها ليس بشيئ غريب على العراقيين، ومن يعرف الشعب العراقي وتاريخه وثقافته وطبيعته وتقسيماته الداخلية جيداً لا يمكن أن يستنكر هذا الدفاع الوطني وهذا الصمود العظيم لهذا الشعب العريق الذي عانى طوال أكثر من ثلاثة عشر عاماً من أقسى حصار اقتصادي في التاريخ وهو لا يزال شامخاً، لا بل ينتظر يوم الانتقام الكبير، يوم المواجهة مع عدوه الجبان الذي لا يحارب بل يقتل من على بعد (بالريموت كنترول) ولا يرى المعاناة الإنسانية، ذلك العدو الكتروني المتجرد من جميع المشاعر الإنسانية أو المشاعر الحسية التي أعطاها الله لجميع المخلوقات الحية حتى الحشرات ...
وكما قال أحد كبار القادة العسكريين العرب في إحدى الفضائيات العربية، إنها حرب غير عادية، وليس من السهل تفسيرها وتوقع أحداثها اليومية، حيث أن عادة ما تبدأ المقاومة الصارمة في الحروب من المركز، أي العاصمة، ومن ثم تمتد إلى الأطراف، أي المدن البعيدة والنائية، ولكن الحاصل في هذه الحرب إن المقاومة بدأت قوية وشرسة في الأطراف ولا تزال المعركة الأساسية على العاصمة لم تبدأ بعد، وهي المعركة التي ثبت إنها سوف تكون مريرة وصعبة وقاسية. لقد فشلت توقعات جميع الأطراف في تحليلاتهم لسيناريو هذه الحرب حيث اعتمد أغلب المحللين في توقعاتهم لمجرياتها، ومنهم إدارة العدو، على معايير الحروب العربية الإسرائيلية التي لم تُعطي الشعوب العربية الفرصة للمشاركة فيها، كما وضعوا أمامهم معايير الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة في العالم والتي في أغلبها كانت خاطفة أو سريعة جداً وتنهيها بطريقتها، فجاءت توقعاتهم جميعها فاشلة.
وقعوا في هذا الفشل لأنهم لا يعرفون هذا الشعب المجاهد، ولا عرفوا من هم العراقيون، وللتعريف بهذا الشعب أذكر ما جاء على لسان أحد العراقيين العائدين من الأردن لوطنهم للمشاركة في الحرب بكامل إرادتهم (بعد أن كانت جميع التحليلات تشير إلى توقع خروج أكثر من مليوني عراقي من العراق هرباً من الحرب) ، جاء هذا الرد على سؤال لمذيعة هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) عندما سألته لماذا سوف يرجع للعراق ، فرد قائلاً "أنا عائد لمحاربة الأمريكان والدفاع عن وطني، فنحن العراقيون مقاتلون بطبيعتنا، نحارب ونحن أطفال، ونخيلنا تتحول إلى صواريخ، والبلح يتحول إلى رصاص في صدر العدو، ولن يستطيع أحد أحتلالنا وإحتلال إرادتنا"، فهل تخيّل بوش هذا وهو يضع تلك الإستراتيجيات العظيمة لإحتلال العراق ؟
ولكن عدم انتصار القوة العظمى في العراق شيئ غير مقبول في قاموس العدو، كما إن الاستمرار في الحرب أو الانسحاب في مرحلة متقدمة لن يكون قراراً أمريكياً سهلاً ... فهيبة القطب العالمي الأعظم والأوحد في خطر ...
فهل يمكن أن نتخيل ماذا يمكن أن يعمل هذا العدو المتجرد من الأحاسيس والمشاعر الإنسانية عندما لا يتمكن من تحقيق نصر أكيد ؟؟؟ ... وهل يصعب على بوش الإبن، إبن ذلك الطيار، بوش الاب، الذي شارك في إلقاء إحدى القنابل النووية على هيروشيما وناجازاكي أن يأمر باستعمال نفس السلاح في العراق عندما تُستنفذ جميع الاستراتيجيات بدون تحقيق النصر الذي حلموا به ؟ ...


كلمات دالة: