تأثير المفاهيم الثقافية المجتمعية في رسم دور المرأة في المجتمع 4/4

في هذا المجتمع العربي المثقل بالقضايا المصيرية والمتعب من الصراعات الداخلية والخارجية، والتي تتكالب عليها المشـاكل الاقتصادية والتنموية والسياسية والعلمية، هل يمكن أن تعطى قضية المرأة، ودورها الأساسي في بناء المجتمع، إهتمام رئيسي قائم على مبدأ الرغبة الحقيقية في العمل من أجل التغيير على أسس مؤسسية متكاملة في أولوياتها للحاق بركب الحضارة العصرية؟


هل يمكن أن تحقق المرأة ذاتها في هذا المجتمع في ظل ضغوط المفاهيم الثقافية المختلفة المرتبطة أساساً بالتقاليلد القبلية وأصولها، المحصورة بين العيب والمحافظة، التي تعود إلى ما قبل الإسلام، بمقدار ما هي مرتبطة بالتفسيرات والاجتهادات الدينية الانتقائية، المحصورة بين الحلال والحرام ؟
ضمن هذه المفاهيم تم ترسيخ ثقافة الرجال قوامون على النساء دون أن يساير هذه الثقافة أي تطور علمي وواقعي على مر العصور. وبين التشديد والتساهل في تفسير هذا المفهوم ضاعت حقوق المرأة وهمش دورها، لعدم قدرتها على الدفاع عن نفسها أمام ما يحاول البعض من إعطاء هذا النص من قدسية لا يمكن الجدال فيها، فقط من أجل تحقيق بعض الأغراض السياسية في المجتمع العربي الإسلامي على مدار تاريخ الصراعات الإسلامية.
نعم، بالرغم من هذه التساؤلات، إلا أن الحركة الطبيعية للمجتمع سمحت لنسبة معينة من النساء بأن يتجاوزن ظروفهن وقيود ثقافة المجتمع ضمن تحقيق أهداف اجتماعية، كما أن كفاءة المرأة البحرينية ونشاطها العلمي والاجتماعي والسياسي أعطى المجال لمجموعات أخرى أن تحقق وجودا مستقلا نسبيا في الحياة العامة. إلا أن مخرجات المشاركة السياسية في العقود الأخيرة تؤكد أن النشاط الاجتماعي للمرأة الذي كان يدور بمعزل عن الرجل، بل وبعيداً عنه، لم يؤد هدفه الأساسي في إثبات جدارة المرأة وحصولها على حق ممارسة حقوقها في المجتمع، مما يثبت عدم قدرة النشاط النسائي على تفكيك تلك المفاهيم الثقافية المجتمعية أو تغييرها لتنعكس إيجاباً على دور المرأة في المجتمع البحريني، حتى فيما يتعلق بالمرأة ذاتها وتجربتها وتصورها عن نفسها، وما يتعلق بالتطور الطبيعي للدور الإنساني للرجل والمرأة أو للمجتمع ككل.
إن المجتمع الذي لا يتبنى فلسفة يكون التطور والتغيير فيها غايات قائمة بحد ذاتها، فإن مشاركته السياسية وانجازاته تكون محدودة ومشتتة وتابعة وغير حاسمة حتى بالنسبة للرجل فما بالك بالمرأة، مما يعني عدم قبول الحداثة، وتحقيق ديمقراطية هزيلة بمفاهيم ناقصة للحرية وحقوق الإنسان.
في مجتمعات كهذه هل هنالك إمكانية لمشروع تحقيق الذات بالنسبة للمرأة ؟
هذا ما يجب علينا تحقيقه بالعمل الحقيقي والجاد وعلى جميع الأصعدة بتبني فلسفة التطور والتغيير بغربلة المفاهيم والثقافة المجتمعية الإيجابية والسلبية ونشر بذور ثقافة مجتمعية جديدة.


كلمات دالة: