تأثير المفاهيم الثقافية المجتمعية في رسم دور المرأة في المجتمع 1/4

ليس هناك شك في أن للبعد الاجتماعي بجميع مفاهيمه الثقافية (وليس الثقافة السياسية فقط) أثر واضح وكبير في دور المرأة السياسي في مجتمعاتنا العربية، بدليل ما للمفهوم الثقافي الأبوي والذكوري والمحافظ من تأثير كبير وواضح في محدودية وتقييد دور المرأة العربية في المشاركة السياسية وفي الشأن العام، لا بل حتى في وعي المرأة بحقوقها وواجباتها كإنسانة وكمواطنة لها نفس الحقوق

والواجبات التي للرجل بجميع المعايير الدينية والسياسية والقانونية.
وعلى هذا الأساس رأينا أنه من الضروري العمل على توضيح هذه الثقافة المجتمعية وتأثيرها على دور المرأة السياسي والحقوقي في مجتمعنا البحريني، من خلال الممارسات الرسمية والشعبية المختلفة التي تعمل على تكريس هذه الثقافة، سواء ضمن سياسة رسمية مرسومة ومخطط لها، أم ضمن الوعي الشعبي الذي يرى إن هذه الممارسات واجبة وملزمة حفاظاً على كيان المجتمع ضد القيم الواردة والغريبة عليه، دون أن يعي ما لذلك من تأثير سلبي في شل طاقات مجتمعية مطلوبة في عملية البناء والتنمية وللخروج من مأزق التخلف الحضاري الذي تعيشه الأمة العربية.
وعليه فقد كان من الضروري أن نبدأ في البحث عن العلاقة بين ثقافة المجتمع البحريني كفاعل وكمتغير أصيل ودور المرأة البحرينية في العملية السياسية أو الشأن العام كمتأثر وكمتغير تابع. وهنا سوف نحاول الإجابة عملياً على بعض الأسئلة التي يتم طرحها على مستوى النخب الرسمية والشعبية، من صميم الممارسات الحياتية اليومية، وهذه الأسئلة هي: هل تؤثر ثقافة المجتمع على دور المرأة في الحياة السياسية ؟ وهل تصوغ ثقافة المجتمع طبيعة مشاركة المرأة السياسية ؟ وهل هذا التأثير وهذه الصياغة في مجتمعاتنا سلبية الطابع ومقيدة للحريات والتنمية، أم إيجابية الطابع تدفع بمسيرة التنمية والديمقراطية إلى الأمام ؟
وحسب القراءات المختلفة للواقع البحريني هناك إجابات مفترضة على هذه الأسئلة نحاول إثباتها وهي: نعم تؤثر ثقافة المجتمع على دور المرأة في الحياة العامة عموما وفي الحياة السياسية خصوصا وهذا التاثير في مجتمعاتنا لهو تأثير سلبي، وأن صيغة مشاركة المرأة في العملية السياسية في البحرين هي صيغة مقيدة ومنفعلة وتابعة وليست علاقة أصيلة نابعة عن قناعة مجتمعية رسمياً وشعبيا، بمعنى أن علاقة ثقافة المجتمع بالمشاركة السياسية للمرأة البحرينية هي علاقة سلبية.
إلا أن هذا الأمر لا يبدو حتميا إذا ما تم التعرف على أسس ثقافاتنا المجتمعية عند تفكيكها للتعرف على أصول الثقافة الإيجابية التي تم نبذها وأصول الثقافة السلبية التي تم تبنيها لأغراض وأهداف مختلفة، وبجانب ذلك الوصول إلى الاحتمالات الفعلية لترسيخ دور المرأة في المشاركة السياسية مع انفتاحنا على ثقافات جديدة لا يمكن أن تؤثر سلباً على كياننا العربي الإسلامي الأصيل.


كلمات دالة: