تأثير المفاهيم الثقافية المجتمعية في رسم دور المرأة في المجتمع 3/4

إن المجتمع هو الذي يبني الإنسان ، وهو الذي يوزع الأدوار على الأفراد والفئات ولكن في نطاق ما تبني هذه المجتمعات لنفسها من منظومات ثقافية مجتمعية ، فكلما كان البناء المعرفي والقيمي والتعليمي والعلمي والسياسي لهذه المجتمعات يعمل ويتطور ضمن منظومة ثقافية مجتمعية تهدف الإستفادة القصوى من وإلى جميع أفراد المجتمع، على إعتبار أن الإنسان (المرأة والرجل) هوعماد

المجتمع وعماد التنمية، كلما ترسخت الذهنية الديمقراطية في ضمير هذا المجتمع، هذه الذهنية التي تشمل مفاهيم وقيم الحرية والحقوق للأفراد والجماعات، للأغلبية وللأقلية، للكبار وللصغار، للمرأة وللرجل.
يقول تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2002 إن التطلع إلى الحرية والديمقراطية في البلدان العربية لا يزال أمنية بعيدة المنال، حيث أن موجة الديمقراطية التي طورت الحكم في مختلف أقاليم العالم لم تصل إلى هذه البلدان بعد، "وإن هذا القصور في الحرية يضعف التنمية الإنسانية ويشكل أحد أكثر مظاهر تخلف التنمية السياسية إيلاماً، وبينما الدساتير والقوانين والتصريحات الحكومية تنص على قبول الديمقراطية وحقوق الإنسان بحكم القانون، فإن التطبيق الفعلي لها يهمل أو يجري إغفاله عمداً في أحيان عديدة". وهذا أكبر دليل على إن الديمقراطية لم تكن في يوم من الايام ضمن المنظومة الثقافية العربية، بسبب ما تعانية المجتمعات العربية من قصور شديد في البناء المعرفي والقيمي والعلمي والتعليمي والسياسي.
إذن هذه المنظومة الثقافية التي أعطت الرجل دور السيادة والسلطة ويرى الرجل نفسه فيها سيداً حتى على الرجل الآخر كيف يمكن أن تشكل وضع المرأة في الوعي الجماعي. وفي هذا المجال يقول التقرير ذاته بأنه رغم كل ما تم إنجازه في السنوات الأخيرة في التحسن الكمي في قدرات المرأة في المجتمعات العربية "إلا أن هذه الإنجازات لم تنجح في تعديل المواقف والمعايير الإجتماعية المتحيزة ضد المرأة، والتي تشدد على نحو حصري على الدور الإنجابي للمرأة وتعزز اللامساواة بين الرجل والمرأة في مختلف نواحي الحياة"، إضافة إلى ذلك يذكر التقرير بأن المرأة في بعض هذه البلدان لا تزال تعاني من عدم المساواة في المواطنة والحقوق القانونية "ولا تزال الاستفادة من قدرات المرأة العربية من خلال المشاركة السياسية والاقتصادية هي الأقل في العالم، كما يتضح من النسبة المنخفضة لتمثيل المرأة في المجالس التشريعية ومجالس الوزراء وفي اليد العاملة وفي الميل لتأنيث البطالة، وتعاني المرأة أيضاً من عدم المساواة في الفرص، وهو ما يتضح من الوضع الوظيفي والأجور، ومن التمييز الوظيفي القائم ضد المرأة. ولا بد أن يعاني المجتمع ككل إذا تعطلت نسبة كبيرة جداً من أعضائه القادرين على الإنتاج ، فينخفض دخل الأسرة فيه وتتدنى مستويات معيشتها".
نرجع إلى السؤال ذاته، هل بإمكان المرأة وحدها، بدون مشاركة الرجل لها ، العمل على تغيير هذه الثقافة المترسخة في وعي المجتمع ، وهذا الوضع المجحف في حق المرأة ؟ في مجتمع محكوم بقيم التقاليد العشائرية والقبلية، وقيم المحافظة والعيب والحرام، التي تعني ضمنيا مقاومة التغيير والتطور.


كلمات دالة: