حقوق المرأة الأساسية في ظل التنمية والجندر 2/2

بدأ الانتباه لأهمية دور المرأة كعنصر أساسي في عملية التنمية مع بداية السبعينات ومع ظهور التغير في برامج التنمية عند صانعي القرار وواضعي خطط التنمية ومع ظهور حركات تحرير المرأة المطالبة بالمساواة في الحقوق والواجبات والمشاركة بين الجنسين . في هذا العقد كان هناك تراكم نسبي للتجارب التنموية للكثير من بلدان العالم الثالث لتحليل عوامل النجاح والفشل فيها مما دعا إلى ظهور النظريات التنموية الجديدة وإعادة النظر في النظريات التي كانت موجودة في الفترة السابقة وكان من نتائجها تحليل الأدوار المجتمعية للجنسين والتركيز على دراسة المواضيع المتعلقة بمساهمة المرأة في العمل الاقتصادي في البلدان النامية ودرجة إدماج احتياجاتها في الخطط التنموية.

بدأ في هذا العقد ظهور تعبيرات مختلفة مثل المرأة في التنمية أما استخدام مفهوم التنمية في ظل التمايز المجتمعي للجنسين (التنمية في ظل مفهوم الجندر) فقد بدأ مع بداية الثمانينات.
كان مفهوم المرأة في التنمية يركز على أهمية إدماج دور المرأة في التنمية بسبب كونها عامل إنتاج اقتصادي مهم لا ينبغي إهداره وضرورة استخدامه في المخططات التنموية . أما مفهوم التنمية في ظل مفهوم الجندر أو في ظل التمايز المجتمعي للجنسين فيركز على دور المرأة كشريك كامل للرجل في موارد ومكتسبات التنمية ، إذ إن التنمية التي تركز على تحسن دخل وإنتاجية المرأة لا تضمن وضعاً أفضل للمرأة فلا يجب على واضعي المخططات التنموية التركيز فقط على دور المرأة كعامل إنتاج وإنما يجب فهم الأدوار المختلفة التي تقوم بها المرأة في المجتمع وعلاقتها التاريخية بكافة المؤسسات المجتمعية.
وبالقاء بعض الضوء على العلاقة بين الدور الإنجابي والدور الإنتاجي للمرأة والعلاقات المتشابكة بين المرأة والرجل يهدف مفهوم التنمية في ظل مفهوم الجندر إلى التغلب على عدم التوازن الاجتماعي الذي يعوق المرأة عن أداء دور بناء في عملية التنمية على اعتبار المساواة والعدالة أساس لا غنى عنه في العلاقات الاجتماعية بين الرجل والمرأة وشرط أساسي للمشاركة في إطار الأسرة. ومن هذا المفهوم نكتشف بأنه لا يمكن تحقيق هذه المشاركة عملياً بدون معالجة حقوق الإنسان الأساسية للمرأة ، ولا يمكن الدعوة للمشاركة في إطار الأسرة بصورة فعالة دون إزالة العوائق التي تعترض طريق مشاركة المرأة في اتخاذ القرارات الخاصة بصحتها الانجابية ووضعها الاقتصادي والاجتماعي والقانوني داخل الأسرة والمجتمع.
من أجل اعتبار المرأة شريكاً نشطاً في عملية التنمية ضمن مفهوم الجندر و تحسين مكانتها لتصحيح أوجه عدم التوازن الاجتماعي على مجتمعاتنا الترويج للمفاهيم الحديثة في قضايا التنمية لتغيير مفهوم دور المرأة في التنمية من كونها وسيلة من وسائل تحقيق كفاءة عالية للأداء التنموي إلى كونها صاحبة حق أصيل في الموارد المجتمعية وإن التنمية هي أداة من أدوات توسيع فرصها وخياراتها والموارد المتاحة لها ، وبكل تأكيد إن مردود تحسين مكانة المرأة لا يرجع عليها فقط وإنما له مردود على كل فرد من أفراد المجتمع بهدف مساعدتهم على مواجهة الهياكل الاجتماعية والاقتصادية التي تستغلهم وتعوقهم عن المشاركة الفعلية في عملية التنمية كأعضاء يتمتعون بالمساواة.
إن الترويج لمفهوم الجندر في التنمية يجب أن يركز على وجهة النظر التي تنادي بأن تكون الأسرة وحدة قائمة على المشاركة ويتمتع جميع أعضائها بحقوق الإنسان الأساسية وخصوصاً حق المرأة في اتخاذ القرارات المتعلقة بصحتها الإنجابية وأدوارها الإنتاجية. ومن أجل تحقيق تنمية مستدامة يجب أن نعلم إن الترويج للتغيير في المفاهيم الخاصة بالتنمية الجندرية لهو عملية طويلة المدى وتحدياً يجب مواجهته.


كلمات دالة: