المرأة وأسس الديمقراطية 1/2

تعتبر مشاركة المرأة في الحياة السياسية، أي ممارسة العمل السياسي، من أهم عناصر العملية الديمقراطية في أي مجتمع ، وهي تعكس إلى حد كبير طبيعة النظام السياسي والاجتماعي للدولة ، كما تعتبر النساء من أهم الرابحين في حالة التزام مؤسسات الدولة بالمنهج الديمقراطي القائم على مبادئ العدالة الاجتماعية والمساواة.
إن ممارسة العمل السياسي تعني المشاركة في إدارة الشأن العام وهذا يعني ممارسة حقوق وواجبات المواطنة مشاركة كاملة وحقيقية، وما لهذا المفهوم من ارتباط بالمساواة بين أفراد المجتمع بغض النظر عن مذاهبهم وأديانهم وجنسهم، وإن التمييز ضد المرأة في هذا

الشأن يعتبر أحد المؤشرات الرئيسية بين التقدم والتخلف، لذلك تشتمل الأنظمة الديمقراطية على قيم ومفاهيم ومبادئ تحررية هامة تستحق أن تحظى باهتمام المرأة ومناصري قضية المرأة.
مع بدء المرحلة السياسية الجديدة في البحرين، أصبحت قضية المرأة والعمل السياسي قضية مبدئية، وغير قابلة للتأجيل، وبحاجة للنقاش المخلص والواعي على جميع المستويات، الرسمية والأهلية، وبحاجة للعمل من خلال جميع مؤسسات المجتمع المدني لإيجاد مؤسسات كبيرة قائمة على أسس فكرية عصرية وعملية، لبحث المطالب والاستحقاقات المختلفة التي ينبغي أن تحصل عليها المرأة على صعيد العمل والمشاركة كما على صعيد مواقع التمثيل وصناعة القرار والتشريع، وهي تعد استحقاقات محض إنسانية دون أي تمييز على أساس الجنس أو النوع الاجتماعي.
ذكرت، الأرقام الإحصائية التي زودتنا بها إدارة عملية الاستفتاء على الميثاق الوطني في فبراير 2001 بأن 49% من الكتلة الانتخابية التي قامت بعملية الاقتراع كانوا نساء تتراوح أعمارهم ما بين 21 وأكثر من ستين عاماً. أي إن أية عملية انتخابية قادمة في البحرين سوف يكون للمرأة الفضل الكبير في فوز أو خسارة المرشحين، مما يعني بأن المرأة سوف تكون تحت ضغوط كبيرة لتحديد اختياراتها من قبل أطراف كثيرة في المجتمع سواء في المنزل أو العمل أو الشارع أو النادي أو الجمعية، بينما سوف يكون اختيارها هو الاختبار الحقيقي لقدراتها واسـتقلاليتها وصلاحيتها لهذا العمل. على هذه الأرضية يجب أن نتفق على ضرورة وجود مناخ سياسي متفهم لاحتياجات المرأة وأهمية مشاركتها الفعالة كأحد الدعائم الأساسية لوجود دولة ديمقراطية.
ولتعزيز مشاركة المرأة في العمل السياسي في البحرين مشاركة حقيقية وموازية لمشاركة الرجل ، على أساس المواطنة الكاملة، يجب معالجة أمر أساسي وهو نقص ثقافة المرأة ووعيها بذاتها وبحقوقها أي انهزامها أمام قضيتها ورضوخها لرؤى اجتماعية وثقافية ترسخ الموقف الرجعي من حقوقها وبالتالي تغييب وعيها ورأيها في حياتها اليومية وانقيادها بوساطة الرجل.
إن تدني رؤية المرأة لدورها وحقوقها لهو نتيجة لبيئة ثقافية تمارس التطرف الفكري القائم على مفاهيم وأفكار غير عصرية وجامدة تجاه مشاركة المرأة بهدف حجبها عن مراكز صنع القرار، سواء على المستوى العائلي أو الاجتماعي أو السياسي، باستخدام مرجعيات دينية انتقائية وتفسيرات خاطئة.
لذلك تعد رؤية المرأة لقضيتها واقتناعها بضرورة ممارسة دورها وأهمية حقوقها، الركيزة الأولى في بناء المجتمع المعاصر والطريق إلى عدم إقصائها من حركة المجتمع الديمقراطي المؤمن بالحريات العامة وحقوق الإنسان.
ومن أجل كسر احتكار الرجل لمراكز صنع القرار يجب القيام بدراسة متأنية للتحديات والعقبات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تواجهها المرأة في الحياة العملية وأسباب تمثيلها الرمزي في المواقع القيادية في الدولة بالرغم من توافر الإرادة السياسية والنصوص الدستورية التي تحمي لها كل هذه الحقوق، تأكيداً على أن تاريخ المرأة البحرينية وجديتها في كسب حريتها والتزامها بتقاليد الدين والتراث في طريق كفاحها الطويل يعطيها كل الحق في أن تكون متواجدة وممثلة ، بفاعلية وقوة، في جميع المواقع التي تشرع القوانين الخاصة بشئونها.
إن المطالبة بتكافؤ الفرص على جميع المستويات بدون تمييز للنوع الاجتماعي هو مطلب شرعي يعزز الشعور بالمواطنة الحقيقية ويدفع المرأة لأخذ دورها الحقيقي في مسيرة التنمية الشاملة كشريك رئيسي وليس كأجير يعمل .... والآخرون يستثمرون الأرباح.
كما أن من أجل حصول المرأة على حقها في المشاركة السياسية الكاملة قبل البدء في إقصائها سراً أو علناً ، يجب العمل على تعزيز دورها الاجتماعي بمبادرات فاعلة ومقنعة للحصول على الإجماع الشعبي وإقناع الرأي العام باستحقاقها للوصول إلى الواجهة السياسية . وإذ إن حق المشاركة السياسية يفرض ولا يطلب ، لذا يجب أن يتم فرض حق المرأة في المشاركة السياسية بالعمل الميداني وإثبات كفاءتها وجدارتها العلمية والعملية.
على المرأة البحرينية أن تعرف ماذا تريد، ومن أين تبدأ، وكيف تعمل بالضبط في هذه المرحلة، وما هي الأهداف التي تصبو إلى تحقيقها وأن تقوم إلى هدفها بإرادتها وبقدرتها الشخصية.


كلمات دالة: