عبدالله بن زايد يواجه إيران وحيداً . .

يقف الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان ، وزير الخارجية الإماراتي، وحيداً في الدفاع عن حق بلاده وسيادتها على الجزر العربية، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسي، التي ترزح تحت الاحتلال الإيراني منذ أكثر من ثلاثين عاماً، كما يقف الأحوازيون وحيدين أمام العالم في مواجهة الاحتلال الإيراني لبلادهم منذ أكثر من ثمانين عاماً ( مند 25 أبريل 1925 )، وكما يقف العراقيون وحيدين في مواجهة الاحتلال الأنجلوأمريكي الإيراني لبلادهم منذ أكثر من سبع سنوات . .

وإذ يلاقي العراقيون شتى أنواع المعاناة وسياسات الإبادة العرقية والثقافية الجماعية والتدمير الممنهج لبلادهم في ظل أبشع احتلال ظهر على وجه التاريخ، وإذ لايزال الأحوازيون يلاقون شتى انواع القمع والتعذيب والاضطهاد والإبادة العرقية والثقافية الجماعية أيضاً في بلادهم المحتلة ( مساحة الأحواز أكبر من مساحة سوريا )، فإن الشيخ عبدالله بن زايد بات يقف اليوم أمام أبشع أنواع المواجهات الإعلامية والدبلوماسية الإيرانية وأكثرها سفاهة وبذاءة في العالم، لأنه تفوه بالحق مطالباً باسترجاع الجزر بالتفاوض أو بالمحكمة الدولية . . .
خلال أسبوع واحد صرح الشيخ عبدالله بن زايد مرتين مؤكداً عروبة الجزر الثلاث التي ترجع سيادتها الدولة الإمارات العربية المتحدة ، واحتلتها إيران في 30 نوفمبر 1971 في ظل نظام الشاه ( الديكتاتوري )، ثم جاء نظام الملالي ( الإسلامي والديمقراطي والتحرري ) في إيران ليتمسك بهذا الاحتلال بالتهديد والتلويح باستعمال العنف والقوة كأحد وسائل التخويف والترهيب التي تمكنت أن تحقق أهدافها حتى الأن، فأصبح هذا الشاب العربي المطالب بأرضه العربية يقف وحيداً أمام وسائل الإعلام والدبلوماسية الإيرانية بكل ما تملكه هذه الوسائل من لغة بذاءة وقذف وشتم، وكل ما تملكه من ثقافة عنصرية متعجرفة ضد العرب والعرق العربي عموماً، وبكل ما تملكه من منهج فكري يعتمد على التظاهر بالقوة والإيحاء بضعف الأخر . . ففي خلال أسبوع واحد مارست وسائل الإعلام الإيرانية كل هذا التدني الحضاري والحواري ضد الشيخ عبدالله بن زايد وضد المطالبة بالجزر العربية الثلاث، بينما العرب، أنظمة وشعوباً، تمارس دور المتفرج وكأن الأمر لا يعنيهم.

الاحتلالات الثلاثة المذكورة أعلاه تتشابه في فصولها وأبطالها ومفاصلها التاريخية، والأهم من كل ذلك في أهدافها . . فكما كان احتلال الأحواز صفقة أبطالها هم الانجليز وشاه إيران ( الأب ) في عشرينيات القرن الماضي، واحتلال العراق اشترك في تخطيطه وتنفيذه وإدارته الأبطال ذاتهم بشريكهم الأمريكي، فإن قضية الجزر الإماراتية العربية الثلاث، التي باتت معروفة على جميع المستويات الشعبية والرسمية العربية، كانت ولا تزال جزءاً من سياسات الإنجليز ( والإدارة الأمريكية في المنطقة . .
فالوثائق الإنجليزية تؤكد أن الجزر الثلاث ، في مدخل الخليج العربي، أعطيت لإيران بموجب اتفاق بين الاستعمار الإنجليزي وشاه إيران ( الابن ) مقابل تنازل الشاه عن المطالبة بالبحرين، وثم جاء الإنجليز بمسرحية استفتاء الأمم المتحدة الذي أثبت عروبة شعب وأرض البحرين.
من المفترض أن يكون هذا التاريخ العربي العصيب، الذي يرسم أمامنا صورة قاتمة للدور التاريخي لدول الجوار وأطماعها في منطقتنا وبلداننا، كما يرسم لنا منهجية هذه العلاقة في تنظيم وممارسة رؤيتها للهيمنة والاقتطاع المنظم للأرض العربية واحتلالها، من المفترض أن يكون هذا التاريخ كتاباً مفتوحاً أمام أجيالنا وأمام القيادات العربية المتعاقبة بهدف وضع منهجية ثقافية وسياسية تتصدى لكل هذه الأطماع التي تعتمد على الضعف العربي سياسياً وثقافياً، وعلى استضعاف العرب بشتى الصور العنصرية والثقافية . .
رغم كل "مظاهر" العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بين بلدان المنطقة من جهة والجمهورية الإسلامية من جهة أخرى، فإن إيران لم تتقدم بمبادرة حسن جوار واحدة خلال العقود الثلاثة الأخيرة على أقل تقدير . . فمنذ سقوط الشاه وقيام النظام الجديد في إيران والمنطقة تعيش في حالة غليان مستمرة تتراوح ما بين الحرب التي استمرت ثماني سنوات وذهب ضحيتها أكثر من مليون قتيل بسبب التعنت الإيراني المستمر لرفض إنهاء القتال، وبين محاولات انقلابية عاشتها بلداننا بتخطيط أحزاب ومنظمات سياسية تأسست في إيران، وبين محاولات اغتيال لأمراء المنطقة وخطف الطائرات، وأخيراً المشاركة الفعلية في احتلال العراق الذي بات مصيره يتقرر في طهران ( الحرية والديمقراطية )، والتدخل المباشر في قضايانا الداخلية والمصيرية في لبنان وفلسطين . . من دون أن ننسى مدى ما تفرضه إيران من سيطرة وهيمنة ثقافية على شعوب المنطقة من خلال المرجعيات الدينية التي تقبع في حوزاتها وما تصدره لنا هذه الحوزات من أفكار دخيلة على ثقافتنا العربية والإسلامية عموماً..
هذه هي إيران، فماذا نحن فاعلون ؟ ؟، هذا السؤال نوجهه الى معالي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، كما نوجهه الى معالي أمين عام الجامعة العربية . . لقد طفح الكيل بالشعوب العربية وهي ترى مواقف التخاذل التي تُدعى بالدبلوماسية في لغة لا تفهمها إيران في ظل الضعف والخنوع الذي يستمرئه العرب . .
وفي الوقت ذاته نؤكد لمعاليه وقوفنا، قلباً وقالباً، مع قضيتنا وحقنا في الجزر العربية الثلاث، ونؤكد له أن الجزر الإماراتية المحتلة لا تختلف في ضمائرنا عن أرض فلسطين المحتلة، ولا يختلف المحتل المسلم عن المحتل اليهودي أو المسيحي . . .