رسالة إلى الرئيس باراك أوباما.. مع تحياتي

أوجه رسالتي هذه إلى رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، باراك أوباما، وأتمنى من السفير الأمريكي لدى مملكة البحرين أن ينقل له هذه الرسالة بأمانة تامة، نعم "بأمانة تامة"، لأن الكذب أصبح أداة من أدوات العمل السياسي الدبلوماسي والدولي، وحقوق الشعوب صارت سلعة تباع وتُشترى في سوق المصالح السياسية ولعبة الأمم، وفي مزاد الأخلاقيات السياسية الغربية، التي صارت تقايض الإنسانية بالمصالح المادية، وتزايد بالديمقراطية وتمارس القتل والظلم لتحقيق مصالحها.

السيد أوباما.. أقدم لك نبذة من سيرتي الذاتية التي أحب أن أعرّف بها نفسي:

أنا، سميرة رجب، مواطنة وكاتبة بحرينية، وسيدة تملك عقلاً وإرادة حرة، ومن سلالة عربية عريقة تنتمي إلى الطائفة الشيعية (العربية) الأصيلة وليس الشيعية (الصفوية) الدخيلة والمصنوعة في إيران.. ولدت وعشت سنوات عمري الطويلة على أرض البحرين، فأنا بنت الخليج العربي، الذي تعتبرونه متخلفا إجتماعياً، وفاقداً للحريات، ولا تحصل المرأة فيه على حقوقها.. وأريد بداية أن أؤكد لك بأنني لم أعاني يوماً من التمييز أو الاضطهاد كفتاة أو إمرأة، ولا بالإضطهاد الشيعي المزعوم، ولم أعاني من تهميش في الحقوق، كما لم أكن يوماً سلبية في أداء واجباتي الوطنية والمواطنية، فعشت كل حياتي في مجتمع بحريني وخليجي وعربي متحضر ومتمدن اجتماعياً دون أي قيد على حركتي وعلاقاتي الإنسانية، فزرت نصف بلاد الكرة الأرضية وتعرفت على مختلف الثقافات والحضارات في العالم، وهكذا هو شأن الشعب البحريني الذي عاش (عبر قرون طويلة) منفتحاً على جميع الأمم، وهكذا يريد أن يعيش أجيال هذا الشعب في هذه الجزيرة المشرقة الجميلة..

أما ككاتبة (عمود سياسي)، وهي مهنتي التي بدأتها مع بداية المشروع الإصلاحي في البحرين منذ أكثر من عشر سنوات، فإنني كنت، ولازلت، أملك قلماً حراً لم تقمعه الحكومة يوما، فمارست كل حقوقي في حرية التعبير عن الرأي، ولم أتعرض يوماً، على المستوى الرسمي، للمساءلة حول ما أنشر من آراء وأفكار، كما التزمت بواجباتي في أن أكون مواطنة صالحة تحافظ على مصالح وطنها مع ممارستي الرشيدة لكل معايير الحرية في التعبير عن الرأي، وممارسة حقوقي الإنسانية بحرية تامة مع الالتزام بمسؤولياتي الإجتماعية والعائلية، وبتقاليد مجتمعي العربي وتعاليم ديني الإسلامي.

السيد أوباما..

ولكن، هناك نوع آخر من الارهاب والقمع تم ممارسته ضدي، فأنا منذ عام ٢٠٠٥ وحتى اليوم أتعرض للقمع والإرهاب الفكري الكامل بواسطة ما يُدعى بالمعارضة (الشيعية) في البحرين، بقيادة جميعة الوفاق الإسلامية (حزب الدعوة البحريني)، لأنني أخالفها في الرأي فقط، فحاولت هذه الجمعية ومن خلفها السفارة الإيرانية في البحرين مراراً وتكراراً منعي من ممارسة حقي في حرية التعبير عن الرأي، ومنعي من الكتابة.. وعملت هذه الجمعية عبر منابرها الدينية والإعلامية، ومرجعياتها العلمائية، على التشهير بي والتحريض بإراقة دمي برسائل عقائدية مبطنة، ومارست ضدي كل أنواع الترهيب الديني والعقائدي والاجتماعي والمهني، كما تقدمت السفارة الإيرانية، لأكثر من أربع مرات على مدار السنوات الماضية، بالشكوى ضدي في كل المحافل البحرينية الرسمية والمهنية لمنعي من الكتابة والتعبير عن رأيي ككاتبة صحفية (وأملك كل الدلائل المادية التي تثبت هذا الكلام).

وبينما تمكنت من مواجهة كل هذه التهديدات والتحديات الإرهابية خلال ست سنوات بما توفره لي التشريعات البحرينية من حقوق دستورية تصون حريتي في التعبير عن الرأي بكل المعايير الإنسانية والسياسية من جهة، وبما تتميز به آرائي ومقالاتي من أمانة وموضوعية من جهة أخرى، إلا إن جمعية الوفاق أصرت على إستمرار أعمالها الإرهابية ضدي، حيث تعرّض منزلي (وأنا بداخله) إلى هجوم بقنابل المولوتوف في يوم الأربعاء ٢٦ أكتوبر ٢٠١١ رداً على رفضي لهذه الجمعية وممارساتها المهينة للشعب البحريني وكذبها ومحاولاتها لتشويه صورة البحرين أمام الرأي العام العالمي، في حوار تلفزيوني على شاشة الجزيرة الفضائية يوم ٢٥ أكتوبر ٢٠١١، والذي واجهت فيه المدعو خليل مرزوق من جمعية الوفاق الإسلامية.

فتخيّل معالي الرئيس بأن المدعو مرزوق الذي ينشر الأكاذيب ضد الدولة البحرينية في كل المحافل الدولية والإعلامية، يمارس حقه الكامل في الدخول والخروج من البحرين بسلام وأمان، دون أية مساءلة أو محاسبة، بينما يتم معاقبتي بهذا الفعل الإرهابي لمجرد التعبير عن رأيي الذي يخالف رأي المدعو مرزوق.

فما هو تقييمكم لهذا الأداء ياترى؟..

السيد أوباما..

كانت مفاجأة الشعب البحريني كبيرة عند سماعه لخطابكم الأخير في الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك، إذ بينما كنا ننتظر سماع خطاب ينصف الشعوب والأمم، من رئيس الدولة التي تحاول أن تكون الأولى في العالم، إذ بنا نسمعكم تنزلون لمستويات خطابية لا ترقى بمكانة بلادكم عندما أوجزتم مشكلة الشعب البحريني ضد جمعية الوفاق في طلبكم من الحكومة البحرينية بالجلوس مع هذه الجمعية الإرهابية للحوار والتفاهم.. فمن جهة كان واضحاً أن هناك صفقة سياسية خلف ذكر وورود اسم هذه الجمعية الطائفية والإرهابية في خطابكم، ومن جهة ثانية كان واضحاً عدم عدالتكم في تطبيق مبادئ حقوق الإنسان، وابتعادكم التام عن قيم الحق والعدالة ومصالح الشعوب.. فمن أي الجهتين تريدني أن أبدأ كلامي معكم؟؟.. أنا سأختار الحديث من الجهة الثانية، جهة انتهاككم لحقوق الإنسان ومبادئ العدالة وحقوق ومصالح الشعب البحريني، وهي الجهة التي تحاولون أن تثبتوا عكسها تماماً، دون جدوى..

لذلك أتساءل، لماذا تعملون ضد مصالح الشعب البحريني، وتقفون بجانب جمعية الوفاق الإسلامية الإرهابية؟.. يا ترى ما هي مصلحتكم في حماية جمعية الوفاق الإرهابية التابعة لإيران قلباً وقالباً؟؟. ويا ترى كيف تتحالف الإدارة الأمريكية، التي تتشدق ليلاً نهاراً بالديمقراطية وحقوق الإنسان، مع جمعية بطريركية تسير خلف ملالي إيران وتستلم أوامرها اليومية من المرجعيات الدينية الإيرانية والنظام الإيراني الذي أنتم تدّعون إنكم على عداء معه؟؟.. وكيف تتفق مبادئكم في الحرية مع جمعية تقمع الحريات وتنتهك حقوق المرأة وتعاملها ككائن غير إنساني؟.. ولماذا تحاولون وضع هذه الجمعية الإرهابية في خانة المعارضة الديمقراطية؟..

السيد الرئيس..

هل جربتم يوماً من الأيام أن تحاكوا العقل العربي الخليجي وتفسروا له إلى أي مدى تتطلب مصالحكم أن يستمر سلوككم العدائي ضد الشعب البحريني بوقوفكم مع جمعية الوفاق والجمعيات الحقوقية المبتذلة التابعة لها؟.. وياترى هل تتوقعون من البحرينيين أن يسلموا بلدهم إلى إيران عبر الوفاق ومرجعيتها العلمائية الذين تدعمونهم؟؟.. وهل تتطلب مصالحكم أن يعيش الشعب البحريني تحت حكم إرهابي بقيادة الوفاق الطائفية؟.

معالي الرئيس: من أكبر الأسباب التي تخلق الكراهية بين الشعب العربي والإدارة الأمريكية هو أن هذه الإدارة، عبر خطابها السياسي والإعلامي، تعمل على تهميش وإقصاء العقل العربي، وكأننا أمة متخلفة لا تفقه من دنياها شيئاً، وأنكم تحاولون أن ترسموا لنا حياتنا ومستقبلنا، رغماً عن إرادتنا وعقولنا وفكرنا، وبتجاهل تام للنتائج الخطيرة التي ستترتب على هذه السياسات الأمريكية في المنطقة.. لذلك أعتقد، بل أوؤكد، أنكم واثقون ومتأكدون إن وصول جمعية الوفاق الإرهابية إلى سدة الحكم في البحرين سيكون بداية إقتتال طائفي وصراع قومي في البحرين ومنطقةالخليج بعمومها، وإن هذا الأمر سينقل حالة عدم الاستقرار الدموية السائدة في العراق إلى منطقة الخليج العربي..

عند هذا الحد أتوقف، وكلي أمل بأن أحصل من معاليكم رداً على هذا التساؤلات، وموقفاً منصفاً في حق شعبي وبلادي التي فقدت سماحتها وأمنها لما اقترفته هذه الجمعية الإرهابية من انتهاكات كاملة للحقوق الديمقراطية وانتهاكات مباشرة للقانون والدستور البحريني.. وانتهاك مباشر لحقوق الإنسان البحريني في التعبير عن رأيه والعيش بسلام وأمان..


كلمات دالة: