حلمُ الإمبراطوريةِ الأمريكية وحق التضحية بالآخر
يقال إن «التاريخ لا يعيد نفسه»، إنما الواقع يؤكد بأنه يعيد نفسه ولكن البشر ينسَوْن؛ فالذاكرة البشرية تتذكر ما يكتبه المنتصرون، أما الحقائق التي لا يؤرخها ذلك المنتصر فإنها تختفي كزبد البحر. كما أن الذاكرة الحية للبشر قصيرة، ومحددة بعمر الجيل الواحد، فلا تتسع الذاكرة البشرية لتخزين الكثير من التاريخ، فالجديد دائمًا ينسخ القديم، والأولون يموتون وتُدفن معهم الحقيقة، وأجيالهم اللاحقة تنسى... نعم، بكل بساطة ينسى البشر التاريخ الذي لم يعيشوه وهم في غمرة الحياة والتطلع نحو المستقبل والسير في رَكب المنتصر، وفي غمرة أحداث مهولة جديدة، يقف التاريخ عندها مشدوهًا من شدة الهول.
واليوم يقف تاريخ العرب من دون حراك، أمام هول وحجم الدمار المستمر وحروب الإبادة الدموية التي فاقت الحروب العالمية دمويةً.
وسنكتشف بعد عدد من السنوات، لن تكون طويلة، أن تاريخ العرب توقف هناك، عند عام 2003. فما بعده لن يكون تاريخهم، وسيكتبه المنتصرون، أولئك الذين رسموا وخططوا وأبادوا الشعوب العربية، وثقافاتها، واستبدلوها بشعوب وثقافات أخرى... سنكتشف حينها بأن الحالة العربية اليوم تعبّر بامتياز عن حالة «الفوضى الخلاقة» التي رسمها آخرون للمنطقة.