دور سلاح الإعلام في النظام العالمي الجديد

قدمت الكاتبة هذا البحث، وناقشته في محاضرة، أمام نخبة من الدبلوماسيين والأكاديميين وطلاب الإعلام في المعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط – المملكة المغربية، في مارس 2018.
سنحاول من خلال هذه المحاضرة تحليل ومناقشة الأهمية الكبرى لدور سلاح الإعلام في بناء وتركيز النظام العالمي الجديد والعمل على التغيير الجيوسياسي في المنطقة العربية، كما نحاول التطرق إلى نتائج استخدامات هذا السلاح وتأثيراته على العلاقات الدولية والإقليمية. ونركّز بالأساس على دور الإعلام باعتباره مؤسسة جديدة غير تقليدية تضاهي الجيش النظامي في مفهومه التقليدي، وتتفوق عليه، كقوة ناعمة، من ناحية التأثير الفعّال والهيمنة اللامادية شبه المطلقة وتحقيق الأهداف الاستراتيجية المرجوة. ولكن قبل ذلك، وجب علينا تحديد بعض المفاهيم.

نقصد بـ«سلاح الإعلام» جميع أنواع وسائل الاتصال المطبوعة والمرئية والمسموعة والرقمية التي تمّ تسخيرها منذ ثمانينيات القرن الماضي إلى اليوم، ضمن تطور مهول لتكنولوجيات الإعلام والاتصال، من قبل القوى الغربية، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، التي سعت إلى تأسيس نظام عالمي جديد هدفه الهيمنة الاقتصادية والسياسية والثقافية والعسكرية، وشعاره النظام الرأسمالي كأفضل نموذج لإدارة العالم.
نقصد بـ«النظام العالمي الجديد» مجموع التفاعلات وآليات العمل التي تَنتُج عن علاقات الدول والمنظمات والشركات المتعدّدة الجنسيات في شكل نظام متكامل يعمل ضمن نسق معين. وقد شهد ما يعرف اصطلاحا بـ«النظام الدولي» مراحل وتطورات مختلفة، بدأت منذ القرن السابع عشر ميلادي، مرورا بفترة الحرب العالمية الأولى، ثم الحرب العالمية الثانية. لكن الملامح الرئيسة لما أصبح يعرف بالنظام العالمي الجديد بدأت بالتشكّل الفعلي سنة 1990م، تاريخ انهيار الاتحاد السوفيتي وانتهاء الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي، والمضي قدما في اعتماد النظام الرأسمالي، كنموذج اقتصادي وسياسي دولي لإدارة العالم.
بالرغم من استخدام الجيوش النظامية التقليدية في إرساء النظام العالمي الجديد (غزو العراق، التدخل العسكري في ليبيا، الحرب في سوريا)، فإنه لم يكن ممكنا الوصول إلى النتائج المرجوة من دون الاعتماد على «الجيش الإعلامي»، كقوة لا مادية، ناعمة، تعمل بشكل متناسق مع الجيش النظامي وتسبقه ضمن عملية تشكيل الرأي العام وتوجيهه على أسس مدروسة ومبرمجة، وغسل الأدمغة والتأثير المباشر وغير المباشر في القرارات والخيارات الوطنية والإقليمية والدولية.
إذن كيف تعمل الجيوش الإعلامية كقوة ناعمة؟ وكيف تعاضد الجيوش النظامية بهدف تحقيق الأهداف الاستراتيجية محليا، إقليميا ودوليا؟ من يملك الإعلام ووسائل الاتصال وتكنولوجيا المعلومات اليوم؟ ما هي الأدوات المستخدمة؟ هل توجد وسائل وآليات للصمود والمقاومة؟ وأين العرب من كل هذه الأسلحة الجديدة والتطورات الجيوسياسية في المنطقة والعالم؟
الإعلام: قوة ناعمة وجيش غير نظامي
يعرّف جوزيف ناي، واضع مفهوم القوة الناعمة، القوة الناعمة بأنها «القوة القادرة على الجذب والضم من دون إكراه». وقد طُبّق هذا المفهوم على المستوى السياسي منذ تسعينيات القرن الماضي، واستُخدم بكثافة في التأثير على الرأي العام المحلي والدولي عن طريق قنوات غير محايدة أو مشبوهة، سعت وتسعى إلى الضغط بواسطة نشر تقارير موجهة صادرة عن وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية ومراكز البحوث والدراسات.
وتعتبر القوة الناعمة من أهم الأسلحة استخداما في السياسة الدولية، وازدادت أهميتها مع الانتشار الواسع لوسائل الاتصال الإلكترونية على رأسها شبكات التواصل الاجتماعي.
ويتفق معظم الباحثين في العلوم السياسية والعلوم العسكرية وعلوم الإعلام والاتصال على أن المعلومة الصادرة عن وسائل الإعلام هي الرصاصة الأولى التي يمكن أن تؤدي إلى حرب شاملة، أو السبب الأول في التهدئة والمساهمة في توقيع معاهدة سلام دائمة. وتعتبر وسائل الإعلام والاتصال أيضا «القوات الخاصة النفسية والدعائية» التي تناور وتعزّز صفوف الجيوش. كما أنه في أغلب الأحيان لا حاجة إلى جيوش على الأرض، في ظل وجود أسلحة إعلامية واتصالية يمكن أن تحسم الحروب قبل بدايتها أصلا.
نعيش اليوم مع نوع جديد من الأسلحة، مع نوع جديد من النفوذ اللامادي ولكنه في بعض الأحيان أفتك من النفوذ المادي؛ لأن استخدام الأسلحة المادية يمكن تقنينها بسهولة، لكن استخدام سلاح الإعلام أصبح يصعب تقنينه؛ نظرا إلى طبيعة مفهومه الزئبقي ولاحتمائه وراء مسألة حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير.
غزو العراق وتأطير العقل
إن أكبر مثال على استخدام الإعلام كقوة ناعمة في تاريخنا العربي المعاصر هو الوقوف على دور سلاح الإعلام في التمهيد للحرب على العراق، ثم غزوه سنة 2003م، فقد أثبتت الدراسات لاحقا أن سلاح الإعلام الأمريكي الذي كان وراء إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش قد نجح في غزو عقول الأمريكيين، وكسب تأييدهم في هذه الحرب، بالرغم من انتشار المفاهيم المغلوطة والمعلومات المضللة حول وجود أسلحة دمار شامل من عدمه في العراق.
وسوف نحاول من خلال النقاط الآتية فهم أبعاد هذه المسألة:
ذكر تقرير «واكسمان» الصادر عن مجلس النواب الأمريكي في مارس 2004م أن هناك 237 تصريحا خاطئا أو مضللا عن أسباب الحرب الأمريكية في العراق أدلى بها الرئيس جورج بوش ونائبه ديك تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد ووزير الخارجية كولين باول ومستشارة الأمن القومي كوندليزا رايس في 125 مناسبة علنية منفصلة.
في أكتوبر عام 2004م نشر تشارلز دولفر، الذي اختارته إدارة بوش للتحقيق في مزاعم وجود أسلحة دمار شامل في العراق، تقريرا خَلُص فيه إلى عدم وجود أي أدلة تثبت امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل.
بالرغم من نشر وسائل الإعلام لكل هذه النتائج، أظهر استطلاع للرأي أن 38% من الأمريكيين مازالوا يعتقدون أن الولايات المتحدة عثرت على أسلحة دمار شامل في العراق.
تَوصّل استطلاع رأي أجراه مركز زغبي إنترناشيونال في فبراير 2006م عن القوات الأمريكية في العراق إلى أن:
85% من الجنود الأمريكيين قالوا إنهم هناك لأن المهمة الأمريكية في العراق هي «الثأر من دور صدام في هجمات 11 سبتمبر».
77% منهم قالوا إنهم يعتقدون أن «السبب الأساسي أو الرئيسي للحرب هو منع صدام حسين من حماية القاعدة في العراق».
إذن كيف ولماذا ظلت مثل هذه النسب الكبيرة من السكان مضللة إعلاميا مثل هذا الوقت الطويل؟ وكيف تم كسب التأييد للحرب من خلال المفاهيم المغلوطة التي عرضت في الانتخابات الرئاسية والنيابية؟
للإجابة عن هذه الأسئلة وجب علينا التوقف عند مفهوم «تأطير العقل». فتقوم الرسائل، المنتَجة من قِبل وسائل الإعلام، بتنشيط آليات معالجة المعلومات التي تربط محتوى وصيغة الرسالة بالصور الذهنية الموجودة في العقل. ولأن وسائل الإعلام تُشكل المصدر الرئيسي للاتصال والمعلومات في المجتمع، فإن تأطير عقل الجمهور يتم إلى حدّ كبير عبر عمليات تقوم بها أساسا وسائل الإعلام.
وفي هذا السياق يفسّر الفيلسوف وعالم اللغويات جورج لاكوف في كتابه «العقل السياسي: لماذا لا تستطيع فهم السياسة في القرن الحادي والعشرين بعقل القرن الثامن عشر» (2008)، الطريقة التي استخدمت بها إدارة بوش أطرا متتابعة لإحباط انتقاد الديمقراطيين للحرب، حتى عندما سيطر الديمقراطيون على كلا المجلسين في نوفمبر 2006. يقول لاكوف: «كانت المعركة السياسية معركة تأطير». وذلك طبقا للمراحل الآتية:
خاضت إدارة بوش معركة التأطير على الساحات، معدّلة القصة تبعا للتطور غير المتوقع للحرب. وبني الإطار الأصلي الذي قام على الخطر الذي تمثله أسلحة الدمار الشامل على قصة الدفاع عن النفس.
في الأسابيع الأولى من الحرب، أُظهرت الحياة في إطار النصر، لصرف قائمة الأوليات بعيدا عن القتال الشرس في بغداد وحولها. وفي فرصة لالتقاط الصور نظمها الجيش، ساعد جنود أمريكيون مواطنين عراقيين على إسقاط تمثال كبير لصدام حسين، في سبيل إحياء إطار النصر.
عندما لم يتم العثور على أسلحة دمار شامل طرحت قصة الإنقاذ، بمعنى أن الولايات المتحدة في العراق لتنقذ العراقيين وتقدّم لهم هبة الديمقراطية.
عندما تبين سريعا أن «المهمة» أبعد ما تكون عن كونها أُنجزت، مع ظهور مقاومة الاحتلال وانتشار الحرب الأهلية والعنف في العراق، تم فجأة تحويل العراقيين الذين يفترض أنهم تحرروا ليصبحوا «متمردين» أو «إرهابيين»، ومن ثمَّ أُعيد توظيف قصة الحرب دفاعا عن النفس.
ولتكريس مفهوم «تأطير العقل»، ضمن استراتيجية الاتصال، اخترقت وزارة الدفاع الأمريكية شبكات الإعلام لإملاء تقارير وتعليقات محللين يعملون في الشبكات الإعلامية ومن المفترض أنهم يتحلون بالاستقلالية. ففي سنة 2008م نشرت The New York Times نتائج تقرير صحفي عرض بتفاصيل دقيقة معلومات خطيرة حول كيفية تنظيم واستخدام البنتاجون مجموعة تتألف من 75 محللا عسكريا يعملون في شبكات تلفزيونية رئيسية مثل فوكس وإن بي سي وسي بي إس وإي بي سي بين 2002 و2008.
«الربيع العربي» واستخدام القوة الناعمة
تحدّث الكثير من الساسة علنا بضرورة تكثيف استخدام القوة الناعمة كسلاح لدعم السياسات الخارجية. وليس بغريب أن تأتي الولايات المتحدة الأمريكية على رأس الدول الأكثر إنفاقا في مجال استخدام القوة الناعمة؛ إذ صرّح وزير دفاعها الأسبق روبرت غيتس عن الحاجة إلى تعزيز القوة الناعمة الأمريكية عن طريق «زيادة الإنفاق على الأدوات المدنية من الأمن القومي بالدبلوماسية، والاتصالات الاستراتيجية، وتقديم المساعدة الأجنبية، وإعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية». وهي عبارات برّاقة تعني بالأساس استخدام سلاح القوة الناعمة للضغط على البلدان والتأثير على الرأي العام وإحداث التغيير من الداخل.
إن أكبر مثال على النتائج الإيجابية لاستخدام القوة الناعمة في التأثير الداخلي على البلدان هي الأحداث التي عرفتها منطقة أوروبا الشرقية من «ثورات مخملية» في جورجيا (2003) وأوكرانيا (2004 و2014) وقرغيزيا (2005) وثورة الأرز في لبنان (2005) والأحداث المؤسفة التي هزّت المنطقة العربية في سنة 2011 أو ما يعرف بـ«الربيع العربي».
ويتفق تنظيم هذه «الثورات المخملية» بما فيها الربيع العربي في الآتي:
توظيف مفهوم «الأسباب الاجتماعية لعدم الرضا» و«البناء الواعي للرفض».
تعاون مؤسسات ثورية وطنية مع مختصين في الترويج للديمقراطية.
إيصال دعم خارجي، عن طريق المنظمات غير الحكومية، إلى النشطاء المحليين يتمثل في العناصر اللوجستية والخبرة فيما يدعى بدمقرطة الشعوب.
نشر مراكز الدراسات والبحوث الغربية تقارير سلبية حول المسائل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للبلدان، لا علاقة لها بالواقع ويغلب عليها التضخيم والتضليل.
نشر الأخبار الكاذبة والمضللة وتوجيه الرأي العام المحلي والدولي باستخدام مختلف وسائل الإعلام، وخاصة منها الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي.
وتمثل المنظمات غير الحكومية، على رأسها منظمات حقوق الإنسان، الذراع الرئيسية غير المعلنة لتنفيذ مشاريع التغيير من الداخل. وأكبر مثال على ذلك مؤسسة (National Endowment For Democracy). هذه المؤسسة التي تأسست سنة 1984، بعد مصادقة الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغن سنة 1983 على جعل الديمقراطية المحور الأساسي في السياسة الخارجية الأمريكية. وتملك هذه المؤسسة 6 مكاتب إقليمية تتوزع على أمريكا اللاتينية، وأوروبا الوسطى والشرقية، وإفريقيا، والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وآسيا وأوراسيا. والغريب في الأمر أن هذه المؤسسة لا تهتم بما يجري من أحداث في أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية؛ أي يبدو أن المعسكر الغربي لا يدخل من ضمن اهتماماتها.
في الإطار نفسه تم التركيز على القوة الناعمة لوسائل الاتصال الالكتروني، وتم تدعيمها من خلال انتشار شبكات الإنترنت وتشبيك الكون. وتم الترويج لشبكات الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات على أنها الأسلحة المستقبلية لتحرير ودمقرطة الشعوب.
وبدأت فعلا الخارجية الأمريكية في تنفيذ استراتيجية الدبلوماسية العامة (Public Diplomacy) التي ركزّت على مشروع 21St Century Statecraft، الذي يركز من بين أهدافه على إعداد ومساندة المعارضين الافتراضيين في الخارج باسم الدفاع عن حرية تنقل وتدفق المعلومات وضمان حقوق الإنسان.
وفي هذا الإطار يلتزم محور (Civil Society 2.0) الذي أطلق في سنة 2009، والذي ينضوي تحت مشروع (21St Century Statecraft)، بالاعتراف بجميع المعارضين حول العالم ومدّهم مجّانا بالتكنولوجيات الرقمية كمساندة لصمودهم ضد الرقابة التي يمكن أن تمارسها الدول على تنقل وتدفق المعلومات.
وإلى جانب المنظمات غير الحكومية، تقوم وسائل الإعلام ومراكز البحوث والدراسات التي تعمل وفقا لأجندات سياسية معينة، بممارسة التضليل الإعلامي أو نشر بحوث وتقارير خاطئة عن الأوضاع الداخلية لبعض البلدان، في إطار نفس السياسة وباستخدام نفس سلاح القوة الناعمة التي تهدف إلى التأثير على الرأي العام من الداخل بطريقة غير شفافة ونشر الإشاعات والفوضى بهدف زعزعة استقرار الدول بصورة مخملية.
من يمتلك الإعلام اليوم؟
ربّما كانت مقولة «من يمتلك المعلومة، يمتلك العالم» من أهم الأفكار والمبادئ التي بُنيت عليها الدراسات الإعلامية والممارسات السياسية والعلاقات الدولية خلال القرن العشرين. ولكن امتلاك المعلومة لم يكن ذا فائدة تذكر من دون ربطه بامتلاك التكنولوجيا وشبكات النشر والتوزيع.
وعلى هذا الأساس أصبح الإعلام والتكنولوجيا هي الطاقة الجديدة والمتجددة في إنتاج النفوذ وإدارة العالم.
ما نعيشه اليوم من تطوّر مطّرد وغير مسبوق في وسائل الإعلام والاتصال الحديثة يؤثر في حياتنا اليومية ويسهم في تشكيل سلوك اجتماعي وثقافي جديد، والأهم من ذلك أنه يستخدم كسلاح في التأثير على السياسة الدولية والاقتصاد الدولي وعلى العلاقات الدولية وتحويل موازين القوى وتوجيه الرأي العام المحلي والدولي بالشكل الذي يخدم مصالح دول من دون أخرى.
لو تأملنا في الخريطة الإعلامية والتكنولوجية على مستوى العالم فإننا نخلص إلى المعطيات الآتية:

أكبر ثلاث وكالات أنباء عالمية هي: Reuters البريطانية، AFP الفرنسية، وAP الأمريكية. وهي تزود جميع وسائل الإعلام الأخرى حول العالم بأكثر من 90% من الأخبار.
أكبر ثلاثة محركات بحث على شبكة الإنترنت هي Google، Bing، وYahoo.
أكبر ثلاث منصات تواصل اجتماعي هي : Facebook، Twitter وLinkedIn.
أكبر ثلاث شركات مختصة في إنتاج البرمجيات هي Microsoft، IBM، وOracle.
أكبر عدد خوادم  Servers يوجد في الولايات المتحدة الأمريكية: 3843 خادما.
أكبر عدد عناوين الإنترنت (Domains) يوجد في الولايات المتحدة الأمريكية: 96.489.067 عنوانا.
أهم أنظمة تشغيل أجهزة الكمبيوتر هي: Widows أو Mac Os.
أهم أنظمة تشغيل الكمبيوتر اللوحي والهاتف الذكي هي : Mac Os أو Android.
أكبر ثلاث شركات إنتاج سينما Universal، Walt Disney، Warner Bros.
على  7142 قمرا صناعيا يوجد حول العالم لمختلف الاستخدامات بما فيها البث الفضائي والاتصالات والرصد والمراقبة، 2137 قمرا منها أمريكية.
أول لغة حاضرة على الإنترنت هي اللغة الإنجليزية .
أول ثلاث جامعات مختصة في التكنولوجيا Massachusetts Institute of Technology، Stanford University،University of Oxford.
أول ثلاث جامعات مختصة في الدراسات الإعلامية: University of Wisconsin-Madison،University of Southern California ،Stanford University.
أهمية هذه المعطيات تكمن فيما وراء هذه الترسانة الإعلامية-التكنولوجية ودورها في التحكم في شرايين الاقتصاد العالمي الرقمي، وما يتبعه من تحكم في المعلومات، ومن ثمَّ التأثير على الرأي العام المحلي والدولي والمساهمة في إعادة تشكيل السلوك الثقافي والاجتماعي، خدمةً لأغراض سياسية ودولية ومصالح ذاتية.
عملية إنتاج النفوذ تبدأ من مرحلة امتلاك المعلومات وتمريرها والتحكم فيها عبر تقنيات وتكنولوجيات متطورة، فمن منّا اليوم لا يستخدم في حياته اليومية أو عمله اليومي محرك بحث غوغل، وكم من شخص منا تساءل عن مصداقية ما يحصل عليه من نتائج بحث، وكم من شخص منا اطّلع على ما يوجد في الصفحة 10 أو 20 من نتائج بحث، لأننا عادة ما نقتصر على ما يُقدم لنا من نتائج في الصفحات الأولى فقط.
كم من مرّة شهدت مواقع التواصل الاجتماعي ضجّة إعلامية محلية أو دولية حول خبر أو صورة أو مقطع فيديو، ليتبين في الأخير أن هذا الخبر أو هذه الصورة أو هذا المقطع كان مُفبركا.
كم من مرّة يكتشف مستخدمو أجهزة الكمبيوتر أو الهواتف الذكية أن سلوكهم ونشاطاتهم الإلكترونية مراقبة من قبل المواقع التي يزورونها.
كم من مرّة تعترف كبرى شركات الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي بضعف أنظمتها في احترام مسائل الخصوصية.
كم من مرّة استخدمت صور أقمار صناعية ضمن إدارة الصراعات الدولية، ليتبين لاحقا أنها صور كاذبة ومفبركة.
كم من اعتراف تم تسجيله بعد أحداث ما يسمى «الربيع العربي»، من قبل نشطاء وشباب اعترفوا بأنه تم تجنيدهم من قبل منظمات غير حكومية، ليكونوا معارضين افتراضيين على الإنترنت وتم استغلالهم في إطار مشاريع سياسية إقليمية.
محاولات للصمود والمقاومة
إن العديد من الدول كانت واعية منذ البداية بخطورة هذه التطورات السريعة والأساليب الجديدة في إدارة العالم عبر وسائل الإعلام والاتصال الحديثة، وتم اعتبارها أحد نماذج القوى الناعمة، التي -بجانب نشاطات المنظمات غير الحكومية وبعض المؤسسات الدولية المشبوهة- تسهم في تحريك الرأي العام الدولي في اتجاهات محدّدة وضمن مشاريع إقليمية ودولية معيّنة.
ربما يجهل الكثيرون أن أشهر مواقع التواصل الاجتماعي العالمية مثل فيسبوك وتويتر ممنوعة في الصين منذ سنة 2009، لأسباب أمنية واقتصادية. ووضعت الصين لصالح مواطنيها بدائل تتماشى مع قوانينها وتحترم خصوصيتها الاجتماعية والثقافية، أشهرها Weibo المرادف لفيسبوك (600 مليون مستخدم) وWechat المرادف لتويتر (1.1 مليار مستخدم). ولإيجاد بديل لمحرك البحث غوغل، أنشأت الصين محرك بحثها الصيني Baidu الذي سجل مؤخرا 5 مليارات عملية بحث في اليوم.
كما قامت الصين بإنشاء مجموعة من القنوات الإذاعية والتلفزيونية والمواقع الإخبارية بلغات متعدّدة وموجهة إلى الخارج، بالإضافة إلى الزيادة في عدد لغات خدمة وكالة شنخوا الرسمية للأنباء.
وفي الإطار نفسه، ارتأت روسيا الاتحادية عدم منع مواقع التواصل الاجتماعي العالمية، واعتمدت مقاربة مغايرة تتمثل في إنشاء مواقع اجتماعية منافسة مثل VK وOdnoknassliki، التي أصبحت في وقت قصير تحتل المراتب الأولى لدى المستخدمين الروس، وحتّى في البلدان المجاورة مثل كازاكستان.
كما أنفقت روسيا الاتحادية في السنوات الأخيرة أموالا طائلة في دعم شبكة روسيا اليوم عبر بثّها بلغات متعدّدة وعبر أقمار صناعية مختلفة، موجهة إلى جميع مناطق وشعوب العالم.
وفي واقع الأمر ليس السؤال المطروح هنا في أحقية عملية المنع أو عدم المنع لوسائل الإعلام والاتصال الحديثة، بل في الوعي بخطورة التحكم في المعلومات على الصعيد الوطني والدولي وتوجيه الرأي العام من خلال هذه الشبكات، البعض يعتبرها جزءا من حماية الأمن القومي، والبعض الآخر يعتبرها جزءا من حرية الرأي والتعبير.
أين نحن من هذه التطورات؟
في مقابل هذه التطورات الرهيبة في مجال الإعلام والتكنولوجيا الحديثة للمعلومات والاتصالات، ورغم المحاولات العديدة للبلدان العربية منذ الحصول على استقلالها في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، للالتحاق بركب التكنولوجيا والدخول في عالم الإعلام والاقتصاد الرقمي من بابه الواسع، بقيت هذه المحاولات متواضعة وغير فعّالة وغير منتجة.
وممّا زاد الأمر خطورة أكثر أن أغلب البلدان العربية لم تواكب هذه التطورات الإعلامية والتكنولوجية، ولم توائم تشريعاتها وقوانينها مع مستجدات العصر التكنولوجية، كما أنها لم تهتم بالقدر الكافي بتنمية العنصر البشري، كأساس لتقدّم المجتمعات، فأضحت أكلة سهلة أمام ماكينات وسائل الإعلام الدولية وشبكات التواصل الاجتماعي العالمية التي تعمل بصورة ذكية وبإمكانيات ضخمة، بحيث يصعب على بعض الدول التفريق بسهولة بين الإعلام الموجه من جهة، وحق الشعوب من جهة أخرى في الحصول على الأخبار والمعلومات وحق ممارسة حرية الرأي والتعبير.
كما أن معظم وسائل الإعلام والاتصال العربية، باستثناء بعض التجارب المحدودة، بقيت تعمل ضمن مقاربة تقليدية لدور الإعلام والاتصال في المجتمع. وواصلت التركيز، ضمن رؤية ضيقة ومن دون تخطيط استراتيجي يذكر، على الدور التنموي والتوعوي والتثقيفي لوسائل الإعلام والاتصال، ونسيت أو تناست أن وسائل الإعلام والاتصال الحديثة هي إحدى أهم أدوات القوى الناعمة في القرن الحادي والعشرين، التي تستخدم في رسم السياسات الدولية وإدارة الصراعات الإقليمية.
لا شك أن امتلاك وسائل الإعلام والاتصال الحديثة وإنتاج الإعلام هو أهم أداة لإنتاج النفوذ، سواء كان على المستوى الفردي أو الوطني أو الدولي. كما أن إدارة العالم أصبحت لا تمر بالضرورة عبر القنوات الدبلوماسية أو العسكرية، بل تسبقها مناورات إعلامية تسمى «حرب الكلمات»، من خلال الإعلان والإعلان المضاد عبر وسائل الإعلام والاتصال.
إن وسائل الإعلام والتكنولوجيا الحديثة هي الطاقة الجديدة-المتجدّدة في إنتاج النفوذ والسيطرة على العقول وإجراء المناورات السياسية والدبلوماسية وإدارة العالم.
إذا كانت حاملات الطائرات والبوارج الحربية والطائرات القاذفة تمثل المنصات الأساسية في الحروب العسكرية، فإن القنوات الفضائية والجرائد والمجلات والمواقع الإخبارية وشبكات التواصل الاجتماعي أصبحت تمثل المنصات الحديثة الحقيقية في توجيه الرأي العام والسيطرة على المعارك الإقليمية والدولية قبل أن تبدأ؛ وكل ذلك بهدف التغيير الجيوسياسي وإرساء النظام العالمي الجديد الذي يُراد منه تكريس النظام الرأسمالي كنموذج لإدارة العالم، ودعم التفوق الغربي سياسيا واقتصاديا وعسكريا وتكنولوجيا.
في الأخير، يبدو لي أننا أصبحنا أبرز ضحايا النظام العالمي الجديد، وأن المنطقة العربية برمتها أصبحت المسرح الرئيسي للتغيرات الجيوسياسية والجيواستراتيجية التي تفرزها تفاعلات هذا النظام العالمي الجديد.
لربما نحن في حاجة ماسة إلى إعادة التفكير بصورة جدّية في مخططاتنا الاستراتيجية على الصعيدين المحلي والدولي، والوعي بكل قوة بأن أساليب المعارك التقليدية قد ولّت وانتهت، وظهرت مكانها أو بالتوازي معها أسلحة جديدة غير مادية وفتّاكة، لأنها لا تقتل البشر، بقدر ما تسمّم وتشل الفكر، وتعطّل التنمية وتهدف إلى انهيار الدولة.

المراجع


i Joseph S. Nye Jr, Soft Power: The Means to Success in World Politics, Public Affairs, 2004
ii https://monocle.com/film/Affairs/soft-power-survey-2014/ 15
iii Robert M. Gates, Secretary of Defense, Manhattan, Kansas, Monday, November 26, 2007.http://www.defense.gov/speeches/speech.aspx?speechid=1199
iv http://www.ned.org/regions
v http://www.state.gov/statecraft
vi https://www.netmarketshare.com/search-engine-market-share.aspx?qprid=4&qpcustomd=0
vii ttp://www.alexa.com/topsites/category/Computers/Internet/On_the_Web/Online_Communities/Social_Networking
viii http://www.investopedia.com/articles/personal-finance/121714/worlds-top-10-software-companies.asp
ix https://mariadb.org/feedback_plugin/stats/servers_by_country/map
x http://www.registrarowl.com/report_domains_by_country.php
xi https://www.netmarketshare.com/operating-system-market-share.aspx?qprid=10&qpcustomd=0
xii https://www.netmarketshare.com/operating-system-market-share.aspx?qprid=10&qpcustomd=1
xiii http://www.boxofficemojo.com/studio/?view=company&view2=yearly&yr=2015&p=.htm
xiv http://satellitedebris.net/Database/LaunchHistoryView.php
xv http://www.internetworldstats.com/stats7.htm
xvi http://www.theguardian.com/higher-education-network/ng-interactive/2015/apr/29/qs-world-university-rankings-2015-computer-science-and-information-systems
xvii http://www.theguardian.com/higher-education-network/ng-interactive/2015/apr/29/qs-world-university-rankings-2015-media-and-communication
xviii http://www.chinainternetwatch.com/tag/sina-weibo
xix http://www.chinainternetwatch.com/11672/wechat-usage-rate-increased-by-26-highest-worldwide-2014
xx http://www.slideshare.net/incitezchina/china-search-engine-market-overview-2015
/01/xxi http://www.russiansearchtips.com/2015