سباق المنتديات الخاصة

يتداول كثيراً هذه الأيام الحديث حول ظاهرة تزايد عدد المجالس/ المنتديات الخاصة في البحرين، إذ بعد انتهاء مرحلة التسابق في تأسيس الجمعيات السياسية بمختلف منابتها وخلفياتها وأسمائها، وبعد تكاثر وتوالد تلك الجمعيات بما لم يترك المجال لإشهار المزيد منها، بدأت ظاهرة التسابق على فتح مجالس/ منتديات خاصة في البيوت، وبأسماء أصحابها، تنتشر في جميع أنحاء البحرين. والغريب في الموضوع أن هذه المجالس/ المنتديات أصبحت تأخذ خصائص سلبية سوف تقضي على الفوائد والإيجابيات المرجوة من تأسيسها، وهذه الخصائص السلبية تنحصر أولاً في أن هذه المجالس بدأت تأخذ الطابع الشخصي وهذه ظاهرة يراد بها تداول وتعريف الاسم الشخصي واسم العائلة بعقلية عشائرية للمزيد من الإنتشار مما يتطلب تفهماً ومواجهة حقيقية، وثانياً أن هذه المنتديات بدأت تفتح وتدار من قبل أشخاص لا علاقة لهم بأي هم ثقافي أو سياسي، بل هم معروفون باهتماماتهم المعاكسة لذلك تماما، ويهدفون من فتح هذه المجالس إلى تحقيق بعض القضايا الشخصية والذاتية . . ولأهداف مختلفة أخرى.


هناك تفسير لهذه الظاهرة الجديدة، يقال على لسان البعض، وخصوصاً بعد أن تم تداول أسماء بعض الشخصيات التي فتحت مؤخراً مجالس لها، وهي شخصيات غريبة عن هذا العمل السياسي والثقافي والتي بدأت بالإهتمام به فجأة، وهذا التفسير يقول إن الدرب السهل الذي أدى بالكثيرين للوصول لمجلس البرلمان وهم أشخاص لم يكن لهم أي نشاط سياسي أو اجتماعي أو ثقافي سابق، ولم يكونوا يوماً ما يتوقعون لأنفسهم هذا النجاح السهل، هذا الدرب السهل جعل الكثيرين يطمعون في الحصول على فرص مشابهة في الإنتخابات القادمة، وما هذه المجالس إلا البذرة الأولى للتعريف والتعرف لخلق البيئة المناسبة لتحقيق الهدف.
عرفت مجتمعاتنا ظاهرة المجالس/ المنتديات حين لم تكن مؤسسات المجتمع المدني منتشرة بهذه الكثافة، وحين كان العمل السياسي عملاً سرياً لا يتم الإعلان عنه فكان المجتمع يبحث عن أماكن للتجمع وتداول الأحاديث والمناقشات في الشأن العام. ولكن اليوم وبعد أن انتشرت مختلف مؤسسات المجتمع المدني في كل مناطق البحرين، وبعد أن أصبح العمل السياسي علنياً، فيجب على المجتمع نفسه المحافظة على تلك المكتسبات بالإلتفاف حول هذه المؤسسات بشكل إيجابي والإستفادة من جميع الأنشطة التي توفرها، عوضاً عن عملية التخريب المستمرة بتوالد المزيد من المؤسسات العامة والخاصة في داخل المجتمع المدني، مما يضعف ويفتفت من فعالية المجتمع بشكل عام.
وحيث أن المجالس/ المنتديات يتم فتحها والإعلان عنها بشكل شخصي لا علاقة تنظيمية لها بأي جهة رسمية في الدولة، فمن الضروري مواجهتها والتصدي لسلبياتها بواسطة المجتمع نفسه، إذ يجب أن يأخذ المجتمع نفسه مبادرة التصدي لعملية التشويه المستمرة للظاهرة نفسها، والاستكفاء بوجود بعض هذه المجالس الموجودة كرمز تراثي لا يجب إعطاؤها دوراً أكبر من حجمها الحقيقي، ومن جانب آخر العمل على الانتقاء النوعي لهذه المجالس وفعالياتها.