ما أشبه اليوم بالبارحة

بقدر حزننا ومعارضتنا لممارسات السيد حسين الخميني الذي يطالب الأجنبي الأمريكي بأن يحتل بلده بهدف تخليص شعبه من حكومته الإسلامية، وبقدر رفضنا لكل هذه الأنواع من الممارسات التي بكل تأكيد تعد أبغض صور التحالف مع العدو ضد الوطن أي إحدى صور الخيانة العظمى، إلا إننا نرى ضرورة مقارنة هذا الموقف بما حصل للعراق في الأمس القريب.
منذ أيام إستقبلت الإدارة الأمريكية حسين الخميني إستقبال الفاتحين، وهو حفيد آية الله الخميني، ذلك الرمز الذي أسس الجمهورية الإسلامية في إيران وأعطى الولايات المتحدة لقب "الشيطان الأكبر" إشارة لرفضه التام لسياساتها تجاه إيران وغيرها من الدول المسحوقة والواقعة تحت هيمنتها وجبروتها الظالم في العالم الثالث. جاء هذا الإستقبال الحافل للسيد الخميني لأنهم وجدوا فيه ضالتهم، أو صنعوا منه ضالتهم، ليكون تلك اللعبة والأداة الجديدة التي سوف تستغل أبشع إستغلال حيثما وحينما تشاء هذه الإدارة الأمريكية اليمينية لتحقيق مآرابها في إيران ، تلك المآرب التي لن تنتهي إلا بسقوط كامل لأي نظام إيراني يمكن أن يرفض تسليم كامل الأرض الإيرانية وثرواتها للخزانة الأمريكية.


ذكّرني هذا الاستقبال الأمريكي الحافل للسيد الخميني بموقف مشابه لنفس الإدارة الأمريكية وموقف مشابه للحكومة الإيرانية عند استقبالهم للمعارض العراقي إستقبال الفاتحين لأنه كان يمثل لهم فرصة وأداة لا تقدر بثمن في وضعه كمعارض للحكومه العراقية، فكان ذلك المعارض العراقي من أوائل من شرّعوا قانون التحالف مع العدو ضد نظام بلادهم، وكان من اشد الجماعات العراقية حرصاً وأكثرهم مطالبة بإستمرارية ذلك الحصار الإقتصادي الظالم على الشعب العراقي بهدف إضعاف نظام بلاده آنذاك، وحصل من الإدارة الإمريكية والإيرانية دعماً لا يحلم أن يحصل عليه أي معارض في العالم ، فهل هناك أي إختلاف بين موقف حسين الخميني اليوم، والذي لا يمكن أن يوصف إلا بالخيانة العظمى كما يسميه المخلصون من الشعب الإيراني، وبين موقف ذلك المعارض العراقي الذي حضنته إيران والولايات المتحدة في الأمس القريب، للتمهيد لما حصل للعراق من إضعاف وحرب ودمار وإحتلال.
حسين الخميني نصب نفسه، اليوم، متحدثاً عن ما يزيد على أربعة ملايين إيراني يعيش في المنفى وعن الإيرانيين في الداخل بصفتهم رافضين لنظام البلاد، هكذا ترسم له الإدارة الأمريكية وهكذا تعطي هذه الإدارة الشرعية لمخططاتها في التدخل في سيادات الدول في العالم، وهي نفس السياسة والشرعية التي رسمته لتلك المعارضة العراقية سابقاً لتتحدث بإسم أكثر من أربعة ملايين عراقي عاشوا في المنفى، رغم أن الغالبية العظمى منهم تركت العراق هرباً من ذلك الحصار الإقتصادي الجائر الذي فرضته الولايات المتحدة على العراق لمدة ثلاثة عشر عاماً.
لذلك نقول ما أشبه اليوم بالبارحة، ولكننا لا نتمنى أن يشبه الغد الإيراني يومنا العربي هذا، ولا نتمنى لإيران، رغم كل مواقفها التي لم تنصف العراق والعرب في حربهم ضد الهيمنة الأمريكية ، لا نتمنى لإيران كحليف إسلامي إستراتيجي أن تقع فريسة جديدة للإدارة الأمريكية كما حدث للعراق، ونحن نؤمن إن النخب الإيرانية في المنفى وفي الداخل سوف يكون لها مواقف أكثر إنصافاً لتراب وطنهم ضد العدو الخارجي، عكس تلك المواقف المشينة لبعض النخب العربية والعراقيين المتأمركين الذين شكلوا أكبر معول هدم للعراق وساهموا إسهاماً كبيراً في إعطاء الذرائع تلو الذرائع لإحتلال العراق.
ورغم كل ما نعلم ونعرف عن الأدوار السلبية التي قامت بها الدول الإسلامية الجارة في حرب الولايات المتحدة ضد العراق، إلا إننا لازلنا نؤمن بأهمية وضرورة التحالف الإسلامي لدول المنطقة بشكل عام لتشكيل قوة موحدة وسداً منيعاً في وجه الهجمات الصليبية المتتالية على الإسلام والمسلمين.