من إغتال الحكيم !!!

لمن يريد أن يعرف من الذي قام بإنفجار النجف وإغتيال السيد محمد باقر الحكيم، يجب أن يعرف من المستفيد الأكبر من نشوب حرب طائفية مدمرة في العراق في ظل تصاعد وتيرة المقاومة ضد قوات الإحتلال، ولكي يعرف الجواب على هذا السؤال يجب عليه أن يعرف من كان المستفيد الأول من الحرب الأهلية الطائفية الطاحنة والمدمرة التي استمرت في لبنان لمدة ثمانية عشر عاماً والتي بدأت بحادثة إنفجار مشابهة لهذا الحادث في مارس 1975.
ولمن يريد أن يعرف أيضاً من المستفيد من قيام حرب طائفية مدمرة في العراق، يجب أن يعرف كيف سوف تؤثر هذه الحرب الطائفية على تفتيت مفاصل المقاومة ضد الغزاة في العراق، ومفاصل الوحدة الوطنية العراقية التي كانت على مدار التاريخ الوطني العراقي من أكبر عوامل القوة العراقية ضد مختلف الأطماع الخارجية.


ومن أجل معرفة الإجابة على تلك الاستفسارات المطلوب معرفة أساليب النظام الدولي الجديد في تفتيت إرادة الشعوب من خلال قراءة الواقع العربي والعالمي بشكل موضوعي، وأن نكون متأكدين بأن التفتيت الطائفي والمذهبي والأثني هو من أهم الآليات التي يكرسها هذا النظام اليميني المتطرف لإضعاف تلك المجتمعات المطلوب إلغاء وتهميش دورها في مواجهة الأطماع الخارجية، هذا الإضعاف الذي يستمر للحد الذي يسهل فيه فرض السيطرة عليها دون أية مقاومة.
وهذا ما يتم ممارسته في العراق وفي منطقة الخليج بشكل عام منذ أكثر من ثلاثة عشر عاماً، وهو التفتيت الطائفي والإثني والمذهبي، وإشغال الناس في البحث عن أهدافها الفئوية أكثر من إهتمامها بالأهداف الوطنية والقومية. وما يتم تكريسه في العراق فقط في الفترة الأخيرة، أي بالتحديد منذ ما بعد الإحتلال وحتى اليوم، لهو دليل ساطع على هذه السياسة، ولكن أين هم القارئين الوطنيين القادرين على قراءة هذا الواقع دون أي إنحياز طائفي أو أثني في واقعنا العربي اليوم؟
تتبع القوات الغازية في العراق، منذ اليوم الأول لعملياتها العسكرية، الأساليب الدعائية في الترويج للطابع المذهبي للمقاومة المسلحة، والتوزيع الجغرافي والفئوي لنشاط المقاومين، بما يكفل الفصل بين مختلف فئات الشعب العراقي في أدائه لواجب مقاومة قوات الإحتلال، وذلك كي تحصر صدى المقاومة في فئات مذهبية موالية للنظام السابق، وإشاعة المعلومات على أن باقي فئات الشعب يقف بجانب قوات الإحتلال في عملية بناء العراق المزعومة. وحيث أن وتيرة المقاومة العراقية في تصاعد مستمر، وحيث أن هذه المقاومة العنيفة والمتصاعدة، والتي أصبحت تتجه نحو التصعيد والتنظيم في العمل، لم تكن في حساب هذه القوات الغازية، كما لم تكن في حساباتهم تلك الطبيعة المعقدة للنسيج الإجتماعي والتركيبة السكانية في العراق، ولا ذلك النمط من السلوكيات والعادات والأعراف والطبائع العربية والوطنية واللاطائفية التي يتمسك بها العراقي في المدينة والعشيرة والقبيلة ، وفي الجنوب والوسط والشمال، كل ذلك يدفع بهذه القوات للبحث عن سبل مختلفة للخروج من مأزقها الذي أصبح يشكل خطراً كبيراً على مخططاتها للإستفادة القصوى من تصدير النفط العراقي، وخصوصاً إذا علمنا إن ما يتم تصديره من هذا النفط تستلم الخزينة الأمريكية جميع موارده (حسب مصادر مطلعة وموثوقة) بينما الشعب العراقي يرزح تحت طائلة الفقر والمجاعة وفقدان الوقود وشرب الماء الملوث والحياة بدون كهرباء منذ ما يزيد على خمسة أشهر.
فهل يمكن أن نستنتج من هذا كله من الذي قام بإغتيال محمد باقر الحكيم في ذلك الإنفجار المروّع في النجف والذي قتل معه أكثر من مائتين وجرح أكثر من ثلاثمائة من مؤيديه، لإشعال حرب طائفية مدمرة في العراق ؟؟؟ ...