المنفذون للأجندة الأمريكية

ما من شك في أن الشعب العراقي يعاني الأمرّين اليوم، بعد أن تخلت عنه كل الأنظمة العربية الشقيقة وكل الدول الإسلامية الصديقة في محنته لما يزيد على ثلاثة عشر عاماً ، كما تخلت القوى والشعوب العربية المختلفة عن تلبية نداءاته في المساندة والنضال للضغط لإنصافه وإنهاء معاناته التي تزداد يوماً بعد يوم مع وجود الإحتلال والمجاعة والأمراض والقتل والإغتصاب والدمار.
قبل الحرب كانت الأنظمة العربية المختلفة تتذرع بأن على النظام العراقي تنفيذ قرارات الشرعية الدولية لإزالة الحصار الجائر المفروض على هذا الشعب المسكين. ولأن الأجندة الأمريكية كانت تطلب الضغط باتجاه الحرب إنشغل العرب، أنظمة وقوى سياسية ، بإيجاد الذرائع لتلك الحرب وإحتلال العراق وتصفية النظام العراقي بدون أية شرعية دولية. واليوم وبعد تلك الحرب الظالمة والبشعة ضد العراق، لا زال هذا الشعب يرزح تحت الظلم والجوع والأمراض كما فقد الأمان في بيته وعمله وبلده، والمحتل الأمريكي يهدد الدول العربية وغير العربية من التدخل في شئون العراق ، علماً بإن التهديد الأمريكي يجب أن يؤخذ محمل الجد لأن عدم طاعته يعني التأديب بالصواريخ والقنابل أو باسلوب آخر تعرفه أنظمتنا جيداً.


ولكن ما يثير الحفيظة في كل ذلك هو دور تلك القوى السياسية التي أصبحت تقرأ الوضع العراقي اليوم كيفما شاء لها قراءته، أو حسبما تتطلبه الأجندة الأمريكية في تنفيذ المخططات الاستعمارية في المنطقة. فبعد ذلك الإنشغال والتنظير المستمر بالشأن العراقي في فترة ما قبل الحرب أصبحت هذه القوى تدعو اليوم لترك الشأن العراقي للعراقيين، وهم اللذين هيأوا كثيراً لهذا الإحتلال بالدعوة إلى تغيير النظام العراقي لأنه نظام غير عادل في حق شعبه وكافة الشعوب العربية، فما الذي حدث؟؟، هل هذه القوى كانت تطالب بالإحتلال الأمريكي للعراق للتخلص من خصم أيديولوجي كان يحكم هناك ، أم أن هذه القوى تنفذ اليوم الأجندة الأمريكية في إلغاء الفكر القومي جملة وتفصيلاً ، والدفع بإتجاه المزيد من القطرية، ودعوة كل شعب عربي إلى العمل حسب مصالحه القطرية، وخصوصاً أن هناك من يطرح علناً اليوم عدم وجود ما يدعى بالقومية (المثالية)، هذا الطرح الذي لم يكن ليعلن عنه سابقاً ، ولكنه اليوم يأتي على هوى السياسة والأجندة الأمريكية.
إضافة إلى ذلك يأتي دور بعض كتابنا الأفاضل الذين لم نعد نميّز منهم بين اليساري القديم الذي أصبح متأمركاً يمينياً متطرفاً أكثر من رونالد رامسفيلد نفسه في الشان العراقي ، سواء في موقفه من النظام العراقي السابق أو موقفه بعدم مقاومة المحتل اليوم، وبين ذلك الطائفي الذي ما زال يزرع الشك في جدوى المقاومة ضد المحتل لأن هناك من يتزعم الطائفة الدينية يدعو لعدم مقاومة المحتل حرصاً على المصالح الشخصية والطائفية لهذا (الزعيم) التي تتطلب مهادنة المحتل على حساب المصلحة الوطنية العراقية.
ألم يحن الوقت أن نستهدي جميعاً لرشدنا وأن نعرف ما هي المصالح الوطنية القطرية التي لا يمكن أن تتجزأ عن المصالح القومية العربي، وأن نعرف من، وما هو العدو الذي سوف يقضي على الأخضر واليابس في هذه المنطقة بحثاً عن مصالحه فقط ولا شيئ غير ذلك ، مستفيداً من السذاجة التي يتعامل بها العرب مع قضاياهم المصيرية؟؟