تحية إحترام وتقدير للشباب البحريني

لأسباب قاهرة وخارجة عن إرادتي لم أتمكن من حضور إجتماع الحوار المفتوح بين الشباب البحريني كطرف، ونائب السفير الأمريكي في البحرين، روبرت فورد ، كطرف آخر، يوم الثلاثاء 29 يوليو 2003، ولكنني حرصت على متابعة ذلك الإجتماع من خلال مختلف الصحف البحرينية ومن خلال بعض الحضور. وفي هذا المجال لا يسعني إلا أن أقف إحتراماً وتقديراً وشكراً لشبابنا البحريني على موقفه الواعي والملتزم بالهم القومي العربي في ذلك الحوار/المواجهة مع السيد فورد ، وهذا هو أملنا من هؤلاء الشباب اللذين تفتحت آفاقهم ونما وعيهم في عصر ثورة تكنولوجيا الإتصالات ، التي توفر لهم من الأخبار والمعلومات ، أكثر بكثير مما يتوفر لذلك الجيل غير المتمكن من إستعمال هذه التكنولوجيا.


نشأ هؤلاء الشباب في بيئة اجتماعية وسياسية بعيدة عن الاستقطابات الأيديولوجية والطائفية المختلفة التي تكون فئة الشباب هي أول الفئات المتضررة منها ، وحيث العمل في ظل تلك الاستقطابات والولاءات الطائفية يكون بعيداً جداً عن توفير الأجواء الصحية والسليمة لتنمية الإنسان الواعي والقادر على القبول والرفض دون الإنقياد لتأثيرات سياسة الشخصنة والتزمت الفكري في تلك المؤسسات السياسية.
لقد أثبت الشباب البحريني الجديد في تلك التجمعات الجديدة، إنه بعيد عن نمط التفكير السائد اليوم في بعض الجمعيات السياسية، التي تجمعت حول التزاماتها الأيديولوجية القديمة واستمرت على نفس المسار القديم بتبجيل نفسها على أساس موقعها ودورها التاريخي متناسية الحقائق السياسية الجديدة في الشارع المحلي والشارع الإقليمي والدولي . تلك الجمعيات للأسف الشديد لا زالت قائمة ومعتمدة على عقلية قواعدها القديمة التي تربت سياسياً على نظرية الموالاة ، وقبول ما يفرض عليها من سياسات ، دون القدرة على تعلّم تحليل تلك السياسات، أو المشاركة في صنعها، أو رفضها.
وبسبب ذلك النمط الفكري السائد في تلك الجمعيات السياسية ، نشاهد اليوم ، بكل وضوح ، ممارساتها اللامبالية تجاه الشأن القومي، من خلال سياساتها المعتمة تجاه ما يدور في العراق من إنتهاكات لجميع قيم العدالة والحرية ، وتلك التصريحات التي تغازل وتعارض في آن واحد ، وتلك السياسات والمواقف القائمة على المصلحة الآنية والضغائن القديمة وغير المعلنة رغم معارضتها للمصلحة الوطنية والقومية.
لذلك أقف إحتراماً وتقديراً لأولئك الشباب اللذين أعلنوا، أمام رمز من رموز المحتل الجديد، بكل صراحة عن عمق مشاعرهم بإيمانهم بأمتهم، وبأن المصلحة العربية واحدة ولا تتجزأ، فعندما تنتهك حقوق عربي في العراق أو فلسطين، يشعر كل عربي بأن حقوقه انتهكت ، وإن عدو الفلسطيني أو عدو العراقي هو عدو لكل عربي من المحيط إلى الخليج. هذا هو الموقف العربي الحقيقي الذي يجب أن نتوحد حوله وأن يكون معلماً أساسياً وسداً منيعاً أمام أولئك اللذين يحاولون اليوم بناء أمبراطوريتهم الاستعمارية في العالم على حساب المصلحة العربية . وهكذا يثبت هؤلاء الشباب بأنه بعد كل ذلك التاريخ الاستعماري المباشر وغير المباشر في هذا المنطقة، ورغم كل تلك الأنظمة العربية المدعومة بالوجود الأجنبي الطامع في خيرات هذا الوطن، ورغم كل تلك السياسات التعليمية التي حاولت خلال أكثر من ثلاثة عقود أن تفسد مشاعر الولاء العربي، إلا أن الشعب العربي لا زال يحمل تلك المشاعر والعواطف المشتركة ، ولا زال يؤمن بأنه شعب واحد وأمة واحدة، ولا يمكن الفصل بينهم حتى لو أعيد رسم خطوط الحدود لإنشاء المزيد من الدويلات العربية.


كلمات دالة: