إدارة الإعلام في البحرين

خلال السنوات العشر الأخيرة برزت بعض الدول الخليجية المجاورة بأدوار إعلامية متميزة، رسمية وخاصة، على مستوى الإعلام المقروء والمرئي والمسموع، رغم أن أدوارها الإعلامية تلك لا تعكس الصورة الحقيقية لواقع النشاط السياسي والثقافي في مجتمعاتها ، ورغم أن هذه الدول لا تمارس حتى الجزء اليسير من تلك الحرية الإعلامية المعلن عنها للعالم الخارجي من خلال منابرها الإعلامية تلك على مستوى سياساتها الداخلية.
ومما يؤسف له في واقعنا البحريني، إنه رغم كل هذا الحراك الثقافي والسياسي النشيط الذي يتميز به المجتمع البحريني على مدار تاريخه المعاصر، ورغم كل ما تحقق للبحرين في مجال الحريات منذ بدء العملية الإصلاحية وحتى اليوم، ورغم ضرورة وأهمية الإعلام كواجهة حضارية في هذا العصر الذي نعيش ومضمونة الفوائد لو أجيد إدارتها، إلا أن البحرين لا تزال بمنأى عن هذا العمل الإعلامي العصري، ولا زالت غير قادرة على أن تأخذ صبغة إعلامية عصرية من خلال منابر إعلامية متميزة، ولا زالت غير قادرة على أن تكون محطة إعلامية مؤهلة للعب الدور الإعلامي القيادي في المنطقة، كما لا زالت غير قادرة على إظهار الصورة الواقعية للنشاط الفكري والثقافي والسياسي البحريني للواجهة الإعلامية.


ومما يؤسف له أيضاً أن نرى الإعلام البحريني بشكل عام غير قادر على التغيير والتطور مع تطور المجتمع رغم كل هذه السرعة في عملية التحول الذي يعيشه المجتمع البحريني . وحيث أن هذا التحول بحاجة حقيقية لمتنفس يعبر به عن نفسه، إلا أن هناك شعور عام بإن هذا الإعلام، كأهم المنافذ العصرية للتعبير والتنفيس عن الحراك المجتمعي ، لا زال مغلقاً وغير قادراً على التعامل مع المجتمع بسلوك إعلامي عصري، مما يعد عائقاً حقيقياً في وجه تقييم هذه المتغيرات والتحولات التي اتفق المجتمع مع القيادة على إنجاحها. وللأسف أيضاً إن هذا التحول السياسي الكبير الذي نعيشه منذ ثلاث سنوات لم يستطع إعلامنا البحريني نقله بصورته الحقيقية إلى العالم، وهذا ما نسمعه من الأخوة العرب والخليجيين عندما نلتقي معهم، فكان لإعلامنا دور سلبي في تعامله الإعلامي مع هذا المشروع الكبير، حيث أن الحرفنة في الأداء الإعلامي تتطلب التصوير الواقعي في الطرح، وهذه الحرفنة بحاجة للعمل من خلال استراتيجيات علمية مدروسة، وليس العمل الإرتجالي القائم على الأولويات اليومية.
وهنا لا بد من القول بأن المتتبع للشأن الإعلامي في البحرين يمكن أن يرى ذلك التراجع الكبير في أداء الإعلام البحريني في السنوات الأخيرة، وهذا التراجع لا يشمل فقط مجال الحريات وإنما يشمل التدني الإعلامي علمياً وفنياً وتقنياً ، وخاصة عندما نقارنه بذلك التقدم الإعلامي الزاحف إلينا من الدول العربية القريبة والبعيدة.
وأخيراً يجب أن نؤكد بإن البحرين جديرة بإعلام عصري قادر على التعبير عن وجهها الحضاري والمتميز، كما إن البحرين قادرة على أن تدخل سوق المنافسة والزمالة في نفس الوقت مع جميع المحطات الإعلامية المتقدمة في المنطقة بشكل عام. ولكننا نتساءل، وحيث أن البحرين لا تشكو من نقص في الكوادر العلمية والمثقفة والمؤهلة لإدارة هذا النوع من العمل بجدية وجدارة عالية، لماذا لا نجد تلك الإدارة العلمية الكفؤة والمؤهلة على رأس العمل الإعلامي البحريني، تلك الإدارة القادرة على أداء هذا العمل الحضاري المتميّز، والقادرة على تحقيق ذلك النجاح للبحرين ... وما الذي يعيق البحرين من الدخول في مجال صناعة الإعلام، وتحويل البحرين إلى محطة إعلامية راقية تعطي مثالاً عصرياً وحضارياً وملتزماً بالمبادئ والسلوك العربي الأصيل في العمل الإعلامي من خلال إبنائها المبدعين ؟؟؟


كلمات دالة: