زعزعة استقرار المنطقة ... لصالح من؟

من الغريب والملفت للإنتباه هذه التراتبية الزمنية للأحداث الجسام التي تمر بها منطقتنا العربية، إذ يأتي كل حدث حسب ترتيبه الزمني المرسوم له ، وبتنظيم شديد، بدءاً بترتيب أوضاع العراق لغزوها وإحتلالها وانتهاءاً، وليس نهايةً، بمخططات زعزعة أمن واستقرار المنطقة بأحداث العنف الغريبة في مخططاتها وأهدافها والمستهدفين بها، والمتسلسلة تسلسلاً زمنياً في أسلوب تصعيدها ، والتي هي جارية على أرض شبه الجزيرة العربية منذ ما بعد إحتلال العراق، والتي تأتي تفجيرات مجمع "المحيا" السكني في الرياض كحلقة من حلقاتها المحكمة التنظيم والترتيب.
ورغم عدم إمتلاكنا للأدلة الدامغة عن منفذي هذه العمليات التي تسميها مختلف الأطراف بالإرهابية (كما لم تملك الإدارة الأمريكية أية أدلة دامغة عن منفذي أحداث 11 سبتمبر/ايلول)، إلا إننا لا يمكن أن نكون بالسذاجة التي تدفعنا إلى تصديق تلك التصريحات الصحفية المتسرعة والمندفعة لإلصاق كل هذه الاحداث بتنظيم القاعدة ، وخصوصاً إننا حتى اليوم لم نتمكن من معرفة حقيقة وجود هذا التنظيم ومدى قوته ومصادر هذه القوة، ولا نملك حوله، حتى اليوم، أية معلومات بخلاف ما تمدنا بها المصادر الأمريكية وأجهزتها المخابراتية.


إن هذه الأحداث الجسام التي تمر بها منطقتنا وتلك العمليات الإرهابية الخطيرة التي لا تملك أي تبرير غير زعزعة أمن واستقرار المنطقة، وما يلف تلك الأحداث والعمليات من ملابسات، وخصوصاً ملابسات تراتبيتها الزمنية المرتبطة بعوامل سابقة ولاحقة لها، وملابسات العلاقة بين التوقعات الأمريكية الأكيدة حول وقوعها وبين عدم القدرة على إبطالها، إضافة إلى طريقة تنفيذ هذه العمليات والتي غالباً ما تكون بعيدة عن الأهداف الأمريكية، كل هذه الملابسات تدفعنا نحو تأكيد علاقة هذه العمليات بمخططات زعزعة الأمن والاستقرار المستمرة في المنطقة ، منذ إنتهاء الحرب الباردة، لصالح التدخل الأجنبي، تلك المخططات التي جاءت متلازمة مع إعلان الإدارة الأمريكية بضرورة إعادة تشكيل المنطقة جغرافياً وسياسياً، بما يتلاءم مع المصالح الاستعمارية الجديدة في النظام الدولي ذو القطب الواحد.
إن ما يحدث اليوم من عمل عسكري وسياسي وإرهابي على مختلف الجبهات في المنطقة يعد مؤشراً أكيداً على إن هناك سيناريوهات وآليات مختلفة لزعزعة أمن واستقرار الخليج وشبه الجزيرة العربية، وذات علاقة وارتباط وثيقين مع مخططات واستراتيجيات إعادة تشكيل المنطقة وفرض الولاية والوصاية على سيادة دولها.
ويبدو إن إنشغالنا جميعاً بالتصريحات الأمريكية حول استراتيجيات إعادة التشكيل المزعومة ، أنسانا متابعة آليات تنفيذ تلك الاستراتيجيات. كما أن إنشغالنا بعمق في الهم العراقي، لوقعه الزلزالي علينا، وانشغالنا عن متابعة السياسات الأمريكية خارج تلك الدائرة، لم يشغل القائمين على تنفيذ هذه الاستراتيجيات من أداء عملهم، وإن هذه الاستراتيجيات هي برسم التنفيذ وذات علاقة قوية بأحداث العراق وما تلاقيه قوات الإحتلال هناك من انتكاسات متتالية على أيدي المقاومة العراقية المنظمة والمتصاعدة بقوة كبيرة.


كلمات دالة: