ساندوا هذا الأمل ... /1

حقاً إن المقاومة في العراق أصبحت المنفذ الوحيد نحو أمل جديد في ما يمكن أن يتحقق من تغيير في السياسات الإقليمية أو الدولية ...
رغم كل محاولات التعتيم حول هذه المقاومة، أو محاولات تبسيط أمرها وعدم جدواها، أو محاولات الاستهانة بها مبدءً وعدداً وعدة، أو محاولات تشويهها بتسميتها إرهاباً، إلا أن الولايات المتحدة تعلم خير علم، واستناداً على تقارير استخباراتها المركزية وقياداتها الميدانية، إن هذه المقاومة لهي من القوة مما يمكن أن تشكل خطراً واستنزافاً طويل الأمد للولايات المتحدة، داخل وخارج العراق، ما دام هناك جندي أجنبي على أرض العراق ... وإن ثغرة المعلومات التي تعيشها الإدارة الأمريكية حول العراق والمجتمع العراقي كانت ولا تزال من العمق مما لا يمكنها من التصدي لهذه المقاومة ... وإن تنبؤاتهم تؤكد إستمرارية هذه المقاومة وتصاعدها حسب نظم حرب العصابات ... فالمجاهدون لن يخسروا أكثر مما خسروا، وإن بقيت أرواحهم بلا وطن فإنهم يدفعونها في سبيل تحرير هذا الوطن لأبنائهم وأحفادهم ... فيا ترى ما هو موقف العرب، حكومات وشعوب، من هذه المقاومة ... وما هي توقعاتهم وتنبؤاتهم ... وذلك فيما يخص السياسات الإقليمية ... وماذا عن تأثير هذه المقاومة على السياسات الدولية ؟ ...


بالنسبة للشعوب العربية فإن غالبيتها العظمى تعقد جل آمالها على ما تحققه هذه المقاومة من انتصارات يومية ... على أمل تحقيق النصر النهائي وطرد المحتلين وأعوانهم من العراق تحقيقاً لأمل أكبر وهو الانتصار على المحتل الصهيوني الذي قويت ركائزه وتجذرت دعائمه في الأرض الفلسطينية مع احتلال العراق بما يعنيه العراق من استراتيجيا جغرافية وبُعد تاريخي وحضاري وثقافي واقتصادي للأمة العربية، وما يعنيه هذا الإحتلال من إحكام القبضة الأمريكية على أحد أكبر مصادر الثروة العربية، واتساع نطاق تحكم النفوذ الأمريكي على الاقتصاد العالمي.
أما الأقلية من هذه الشعوب العربية، التي تقابل هذه المقاومة برؤى تتراوح بين اللامبالاة والمعارضة وبين التعاون مع المحتل، فهي تتوزع على فئات وعناصر لها حسابات سياسية قديمة مع القيادة العراقية، بالحق أو بالباطل، وهي ترى إن هذه المقاومة سوف تكون منفذاً جديداً للقيادة العراقية في العمل السياسي على أرض العراق مما يعني ضرورة رفضها حتى لو كانت سوف تحقق التحرير. هذه الاقلية ترى في رفض المقاومة المسلحة للإحتلال في العراق جزء من تصفية حساباتها الحزبية والسياسية والطائفية مع القيادة العراقية، ورغم أن هذه المقاومة أصبحت تضم مختلف القوى السياسية العراقية بعيداً عن تلك النزاعات الأثنية والطائفية المعمول بها في رسم السياسة الجديدة في العراق، إلا أن هذه الفئات الخارجة على إرادة الشعب العربي، اينما كانت على الأرض العربية، ترى أن ضغائنها وحساباتها القديمة تأتي في مقدمة أولوياتها، وأن تحرير العراق على يد المقاومة العراقية لن يحقق لها مآربها السياسية والطائفية.
أما بالنسبة للحكومات العربية فالقصة طويلة، وبحاجة إلى بحث طويل. وبإختصار يمكن القول إن هذه الحكومات التي تعلمت الخوف على عروشها فقط، ولا شيئ غير ذلك، فهي تنظر إلى الإحتلال الأمريكي للعراق، والمقاومة ضد الإحتلال والتي يمكن أن تحقق تحرير العراق، على أنهما خطران يمكن أن يحققا نهاية حتمية لتلك العروش. فرغم ما يوحيه هذا الكلام من تناقض ظاهري، إلا أن هذا هو الواقع الفعلي، أي ببساطة، فإن استمرار الإحتلال الإمريكي للعراق ، من ناحية، سوف يطلق اليد الأمريكية في قضية إعادة رسم المنطقة سياسياً التي تستدعي إزالة بعض العروش، وتحرير العراق على يد المقاومة، من الناحية الأخرى، سوف يكون نقطة انطلاق في تغيير واقع هذه المنطقة سياسياً نحو إمتلاك الشعوب العربية لإرادة التغيير ضد حكوماتها ... وهكذا، ترى الحكومات العربية إن الخيارين أحلاهما مر.
ويبقى أن نرى تأثير إستمرار ونجاح أو إنقطاع وفشل المقاومة العراقية على السياسات الدولية ... بجانب ما يمكن أن تحققه الحكومات العربية في هذا الوضع لتحقيق مصالحها ومصالح شعوبها ....
في حديث آخر ....


كلمات دالة: