المقاومة بدأت ... من يوقفها؟

يبدو جلياً إن الولايات المتحدة، وهي في بدايات طور نشر نفوذها على المناطق المرسومة في استراتيجيتها لبناء إمبراطوريتها في هذا القرن، بدأت تصطدم بجبلين جبارين يمكن أن يكسرا طموحاتها على سفوحهما. فكما اصطدمت السياسة الأمريكية بالجبل الأول في حربها ضد الإسلام في أفغانستان، ومعاناتها المتواصلة، لما يزيد عن العامين حتى الآن، لتلك الحرب المستمرة والمستنزفة لقواها اليومية على الأراضي الأفغانية (رغم التعتيم الإعلامي على الوضع هناك)، فإن هذه الإدارة بدأت، منذ الأول من مايو/أيار 2003، تواجه إصطدام آخر في العراق في مواجهتها اليومية بجبل المقاومة العراقية المتصاعدة قوة وتنظيماً في عملياتها اليومية المستنزفة لإمكانيات قوات الإحتلال بشراً وعتاداً مما مكنها من أن تفرض نفسها على جميع وسائل الإعلام العربية والعالمية رغم كل محاولات الكذب والتلفيق والتعتيم التي تمارسها إدارة الإحتلال في العراق وفي واشنطن ... كما يبدو جلياً أيضاً إن كلا النزيفين غير قابلين للتوقف لعدم امتلاك تلك القوة الدولية العظمى لآليات أو عوامل إيقافهما أو حتى تحديدهما، مما يؤكد إن الولايات المتحدة مقبلة على فترة عصيبة سواء على المستوى الداخلي سياسياً واقتصاديا أو على المستوى الدولي ومواجهتها لآليات الشرعية الدولية.


إن الجبروت الأمريكي بما يملكه من قوة عسكرية واقتصادية عظمى في العالم، والذي تعجز الدول العظمى من مواجهته علناً، يواجه اليوم نزيفاً عسكرياً واقتصادياً متصاعداً ومستمراً في حربي المقاومة الأفغانية والعراقية، ولا يملك، هذا الجبروت، حتى الآن سوى الاستمرار في حربه ضد هذه المقاومة حفاظاً على هيبته كقطب دولي واحد لا منافس له على الكرة الأرضية ... إذن هاتين الحربين أو النزيفين في أفغانستان والعراق تمثلان ذراعي مقاومة جبارة ضد الهيمنة الأمريكية في القرن الذي نعيش، وبمقدار نجاح هاتين الحربين في إضعاف قدرات هذه القوة العالمية، بمقدار ما سوف تتغير على أساسهما المفاهيم السياسية والشرعية الدولية للعصر القادم.
ورغم كل المحاولات الأمريكية لإخفاء مظاهر قوة هذا النزيف إعلامياً، إلا أن كل الأخبار المؤكدة الصادرة من مختلف المنابر الإعلامية تؤكد إن النزيف الأمريكي في العراق وفي أفغانستان لهو نزيف حاد ومتدفق ومتصاعد بانتظام، وإن المستقبل القريب يخبئ لهذه القوة العظمى مفاجآت لن تكون في صالحها، وهذا ما يتطلب من العرب والمسلمين بل ومن جميع القوى المضطهدة والمقهورة في العالم الوقوف بجانب تلك المقاومة والإسراع بإضعاف هذه القوة وكسر هيبتها أمام دول العالم.

********

هذا ... ورغم عدم علمنا بما يخبئه المستقبل لهذه الأمة إلا أن هناك واقع جديد بدأت خطوطه الأولى بالتشكيل ... واقع عربي جديد ولأول مرة منذ هزيمة الصليبيين ودحر قواتهم من الأرض العربية تتحد قوة الإسلام مع القوة القومية العروبية في حربها ضد الظلم والجبروت العالمي على هذه الأمة ... فيا ترى هل يمكن أن يكون هذا بداية مستقبل جديد يرسم للعرب دوراً جديداً في الشأن الدولي؟