ساندوا هذا الأمل ... /2

هل يمكن أن يبقى العالم، تحت هيمنة القطب الواحد بدون حدود فاصلة وعادلة ... وإذا قبلت الدول الصغيرة، مغلوبة على أمرها في ظل الإحادية القطبية، بفرض الهيمنة الأمريكية عليها بما تمارسه من رعب عسكري وإقتصادي ، فهل تقبل الدول الكبرى هذا السلوك الأمريكي؟ ... وهل يمكن لأي استعمار أو إحتلال أن يبقى مستعمراً ومحتلاً فقط بما تملكه من قوة عسكرية أي بسلوك القتل والتدمير وبسيادة قانون الغابة، بدون أية قوة حضارية؟ ... يجيب التاريخ البشري على هذه الأسئلة بالنفي الأكيد، إذ لا يمكن أن يبقى العالم تحت هيمنة قوة بطش وقتل وتدمير دون أن تنبثق من خلال هذه القوة عناصر إضعافها وتدميرها ... هكذا يقول التاريخ ...


وفي هذا المجال يقول وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دوفيلبان في حديث له مع جريدة النيوزويك عن التأثير السيكولوجي لأحداث 11 سبتمبر على الأمريكيين: "لقد أدركت الولايات المتحدة الأمريكية إنها كلما إزدادت قوة تزداد هشاشة وإن الاستخدام الكلاسيكي للقوة والهيمنة لا يجدي نفعاً"، ولذلك هم (الدول الكبرى) يتحدثون عن عالم متعدد الأقطاب بهدف تعزيز الأمن والاستقرار والعدالة في العالم. ومن هذا المنطلق نستطيع أن نحلل كيف تنظر مختلف القوى الدولية اليوم إلى دور المقاومة العراقية في مجابهتها لقوة الإحتلال الأمريكي في العراق، لما يمكن أن يكون لهذا الدور من تأثيرات مختلفة على الساحة الدولية فيما يتعلق بإضعاف القطب الأوحد والأقوى، وتعديل موازين القوى نحو تعددية الأقطاب التي أصبحت واقعاً قائماً تحاول الولايات المتحدة، في سباق مع الزمن، إلغائه قبل الإعلان عن نفسه بتحد صارم.
هكذا إذن ينظرون إلى دور المقاومة العراقية، على أنها أمل جديد نحو إعادة ميزان القوى الدولية إلى نصابه ... والصورة سوف تصبح أكثر وضوحاً مع استمرار هذه المقاومة في أدائها الذي يعني من ناحية عدم تمكن الإحتلال من تحقيق الأمن والاستقرار في العراق بشكل خاص وزيادة التوتر في المنطقة بشكل عام ومن الناحية الإخرى زيادة في نزيف الموارد المادية والبشرية والمعنوية للقوات المحتلة كلما طال أمد هذه المقاومة ... وهذين السببين كفيلين بإرجاء تنفيذ المخططات الأمريكية في المنطقة بالإضافة إلى إعادة مراجعة المحتل لحساباته في التعامل مع قضايا الشعوب.
إن إستمرار هذه المقاومة العراقية أكيدة، ما دام هناك إحتلال في العراق، كما هي ضرورية لأنها سوف تكون أحد أهم عوامل إضعاف النظام الدولي الإحادي القطب، وبالتالي عاملاً مساعداً في بروز نظام دولي متعدد الأقطاب لتحقيق التوازن والعدل والاستقرار في العالم. وفي خضم كل هذه الأوضاع والتعقيدات على الحكومات العربية أن تدرك، قبل فوات الأوان، كيف تساهم في تحقيق هذا التغيير في المعادلة الدولية، وأن تجيد دورها في الحفاظ على مصالح شعوبها للإبقاء على عروشها ... لأن هذا التغيير في السياسات الدولية، إن تحقق، فإنه سوف يتم على جميع المستويات، بدءً بالمستوى الوطني والمحلي وانتهاءً بالمستوى الدولي ومروراً بالوضع الإقليمي.
فساندوا هذا الأمل ...


كلمات دالة: