أهم الدروس المستفادة من حرب العراق

في ندوة نظمها مركز البحرين للدراسات والبحوث، جلسنا مستمعين، لفترة تقارب الساعة، إلى المحلل السياسي والكاتب الأمريكي البروفيسور كوردزمان، على أمل أن نخرج معه بأهم الدروس المستفادة من الحرب على العراق، حسب عنوان الندوة، وإذ بنا نخرج "بخفي حنين"، لأن الدكتور المحاضر لم يذكر أكثر مما يكرره علينا جورج بوش في جميع خطاباته، عن أهمية هذه الحرب للقضاء على الإرهاب والدكتاتورية، وأهمية حصول قوات الإحتلال في العراق على مساعدات من دول العالم عموماً ودول الخليج خصوصاً، وأهمية النظر إلى المستقبل وعدم التفكير في الماضي، وإن (الإرهاب) في هذه المنطقة لا علاقة له بقضية فلسطين بل سببه تلك المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تعاني منها المجتمعات العربية لأنها بعيدة عن الديمقراطية التي تنادي بها الولايات المتحدة من خلال إصلاح أنظمة الحكم في هذه المجتمعات والتي سوف تساعدنا الإدارة الأمريكية على تحقيقه.


وحيث أن الأخوة الحضور كانت لهم مداخلات هامة أوضحت للدكتور المحاضر مدى استياء النخب العربية من السياسة الأمريكية في العراق والمنطقة بشكل عام، لذا أود أن أشير في هذه المساحة الكتابية البسيطة إلى تلك الأسئلة الهامة التي طرحها الدكتور محمد الغتم، رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات والبحوث، في كلمته الإفتتاحية لتقديم المحاضر في تلك الندوة ، تلك الأسئلة التي تَهَرّب منها الدكتور كوردزمان بقوله إننا سوف نحتاج إلى ساعات طويلة للرد عليها.
تسعة أسئلة سألها الدكتور الغتم وجميعها بالغة الأهمية، نحاول أن نجيب على بعضها، حسب وجهة نظرنا وقراءتنا للواقع السياسي، ونترك بعضها الآخر لأنها أسئلة تحمل أجوبتها ضمناً، مثل: هل تسرعت الولايات المتحدة في هذه الحرب دون وضع خطط واضحة "لعراق ما بعد صدام"؟ ومن المستفيد الأكبر من هذه الحرب على العراق؟ وهل السياسة الحالية للولايات المتحدة في المنطقة صحيحة، أم أنها تحتاج إلى تغيير جذري؟
السؤال الأول: هل كانت الولايات المتحدة على صواب في تعبئة وتوجيه هذه الحملة العسكرية الكبيرة ضد العراق؟ والجواب من وجهة النظر الأمريكية، غير المعلنة، هو إن هذه الحرب كانت هامة جداً للولايات المتحدة، مهما كلفها الأمر، لأسباب كثيرة، أهمها ما سوف يتحقق لها من قوة اقتصادية هائلة بعد الإستيلاء على العراق كثروة نفطية ومنطقة استراتيجية على خط النفط في المنطقة وفي العالم، وهو ما سوف يشكل الثروة الاستراتيجية والنفوذ السياسي والاقتصادي لأمريكا في القرن القادم، ولهذا السبب هم ليسوا على عجلة من أمرهم فيما يخص استخراج أو تصدير النفط العراقي في الوقت الحاضر، لأنه يعد ثروة مستقبلية ضمن استراتيجيتهم طويلة المدى لوضع اليد على جميع منابع النفط في الخط الممتد من جمهوريات آسيا الوسطى شرقاً إلى موريتانيا غرباً، ولهذا السبب أيضاً تعمل الإدارة الأمريكية جاهدة على إلغاء ديون والتزامات العراق كي يبقى النفط العراقي ربحاً صافياً لا يشاركهم فيه أحد.
أما الجزء الآخر من الجواب، حسب وجهة نظرنا، فيتلخص في إن الولايات المتحدة ما كانت لتجرؤ على القيام بهذه الحرب لو لم تكن إرادة الحكومات العربية السياسية والاقتصادية مرتهنة للإدراة الأمريكية، أي لو كانت هذه الحكومات تملك إرادة قرارها السياسي، تلك الإرادة المستمدة من وحدة الدول العربية ومن مساندة الشعوب العربية لحكوماتها.
السؤال الثاني الذي قدمه الدكتور الغتم هو: ما الذي يجري حقيقة اليوم في العراق؟ ومن هم اللاعبون الحقيقيون؟ وإلى متى ستستمر حالة عدم الاستقرار؟ وإلى أين يتجه العراق؟
وهذا ما سوف نجيب عنه لاحقاً ...


كلمات دالة: