يتبع- أهم الدروس المستفادة من حرب العراق

رغم كل التعتيم الإعلامي حول ما يجري اليوم في العراق، إلا إن ضخامة حدث إحتلال العراق، وهو قلب الأمة العربية، يجعلنا متابعون لكل ما يجري هناك يوماً بيوم، بل لحظة بلحظة، ومن مختلف المصادر الداخلية والخارجية، حيث إن كل المعلومات الممنوع تداولها من خلال وسائل الإعلام التي هي اليوم تقع تحت طائلة الإرهاب الإمريكي المباشر، يمكن الحصول عليها من وسائل الإتصالات الأخرى، مما يلغي من فعالية وسائل التعتيم الإعلامي في هذا العصر. وعلى هذا الأساس سوف نجيب على سؤال الدكتور محمد الغتم الذي وجهه ضمن أسئلته التسعة إلى البروفيسور أنتوني كوردزمان، والذي يدور حول: ما الذي يجري حقيقة اليوم في العراق؟ ومن هم اللاعبون الحقيقيون؟ وإلى متى ستستمر حالة عدم الاستقرار؟ وإلى أين يتجه العراق ؟


إن الفعل الحقيقي الجاري اليوم في العراق بواسطة قوات الإحتلال بمختلف آلياتها العسكرية والسياسية هو تغيير التركيبة السكانية في المناطق العراقية بما يناسب تقسيم العراق إلى مناطق وولايات أثنية وطائفية تفي بالمصالح والأغراض الأمريكية، وهذه المناطق تتوزع حسب ما تم تسريبه، حتى الآن، من خلال الإعلام الأمريكي، ما بين منطقة للشيعة في الجنوب، حيث العمل جاري على ترحيل السنة من هذه المنطقة بالإرهاب الجسدي والمعنوي المستمر حسب المعلومات الأكيدة القادمة من أبناء المنطقة سواء السنة أو بعض الشيعة الرافضين لتلك السياسات، ومنطقة للسنة في الوسط، ومنطقة للأكراد في الشمال حيث بدأت عمليات ترحيل العرب منها منذ وقت مبكر، إضافة إلى بعض الولايات الأخرى التي يتم ترتيبها حسب متطلبات الولايات الأساسية الثلاثة. وفي الجانب الآخر هناك أداء متصاعد ومنظم للمقاومة العراقية المستمرة ضد قوات الإحتلال في جميع المناطق العراقية من الشمال إلى الجنوب ، مما دفع بهذه القوات إلى تغيير بعض من خططها بهدف تجميع جهودها في مواجهة هذه المقاومة، وإلى تغيير أسلوب الحكم المؤقت الحالي بعد أن إختفى غالبية أعضاء مجلس الحكم العراقي خوفاً من تعرضهم لمحاولات الإغتيال التي نالت من بعضهم ...
بجانب كل هذه الأحداث هناك لاعبون آخرون في الساحة العراقية، مثل تواجد دول الجوار من خلال بعض التنظيمات والأفراد بهدف تحقيق مكاسب إقليميه، إضافة إلى الوجود الإسرائيلي، كمؤسسات وشركات وأفراد، بهدف ترتيب وترسيخ مصالحهم في الأرض العراقية على أمل أن يكون لهذه المصالح دور وامتداد بعد استقرار الوضع الأمني هناك من خلال السيطرة والهيمنة الأمريكية على أي نظام حكم قادم.
أما الشق الآخر من السؤال حول "إلى متى ستستمر حالة عدم الاستقرار في العراق"، فمن المؤكد إن الإدارة الأمريكية لا تملك الإجابة عليه، إذ إن قرار إستقرار العراق هو بيد المقاومة العراقية التي ستستمر ما دام هناك إنسان عراقي يعيش في العراق أو خارجه، وسوف يبقى الوضع غير مستقراً هناك ما دام في العراق عسكري أجنبي واحد وما دامت الموارد والخيرات العراقية بيد الأجنبي، وهذه حقيقة يعرفها كل العرب لمعرفتهم التامة بشخصية الإنسان العراقي وثقافته ونمط تفكيره.
فإلى أين يتجه العراق؟ ... حسب تحليلنا السابق، وحسب الحقائق التاريخية المؤكدة لإنتصار الشعوب وهزيمة المحتلين، فإننا نستطيع أن نؤكد إن العراق يتجه بكل تأكيد نحو طرد المحتل، واستعادة إستقلاله واستقراره وسيادته ، وسوف يلحق العراقيون الهزيمة بقوات الإحتلال، وهي الهزيمة التي بدأت تظهر ملامحها من خلال خطابات الرئيس الأمريكي، وتصريحات الحاكم المدني الأمريكي في العراق، ووزير الدفاع الأمريكي ومن خلال مختلف التقارير السياسية والمخابراتية الأمريكية، حيث إن حرب الاستنزاف سوف يكون طويل الأمد وفوق القدرة الإحتمالية للإدارة الأمريكية وقوتها العسكرية العظمى ... عاجلاً أم آجلاً.


كلمات دالة: