"مجلــس الحــكم" في العراق

يوم السبت 12 يوليو 2003 أعلنت قيادة قوات الإحتلال في العراق ، كأول جرعة من جرعات الديمقراطية التي جاءت بها القوات الأمريكية للشعب العراقي، أعلنت عن تشكيل مجلس أسموه "مجلس الحكم" في العراق. وبكل ديمقراطية شكلوه من مجموعة من العراقيين!! إختاروهم على أسس طائفية وأثنية، وبمعايير أمريكية قائمة على مدى تعاون هذه الشخصيات مع الإدارة والقوات الأمريكية في تسهيل مهمتها لإحتلال العراق، ومدى تعاونهم مع هذا الإحتلال مستقبلاً في سرقة خيرات العراق وتحقيق أحلام الإمبراطورية الأمريكية إنطلاقاً من الأراضي العراقية. فرضي هؤلاء العراقيون الأبطال على أنفسهم أن يكونوا ضمن هذه التشكيلة المشوهة للحكم مكبلين بقيود الفيتو الأمريكي الآمر الناهي على قراراتهم (الوطنية) ليتعلموا ويتنعموا بالديمقراطية الأمريكية.


لذلك جاء الاجتماع الأول لهذا المجلس ليعلن أول قرارين أمريكيين، الأول هو إلغاء تاريخ العراق المعاصر من خلال إلغائه جميع الإحتفالات الوطنية السابقة، وبإلغاء الإحتفال بعيد العراق الوطني بذكرى إستقلال إرادته السياسية وتحويله من النظام الملكي إلى النظام الجمهوري، وهو عيد 14 تموز/يوليو. أما القرار الثاني هو إعتماد تاريخ 9 أبريل ، وهو ذكرى الإحتلال الأمريكي للعراق ، للإحتفال به كعيد العراق الوطني والرسمي، لاغياً وناسخاً لجميع الأعياد الوطنية السابقة.
وفي يوم الأثنين 14 يوليو 2003، أي بعد أقل من 48 ساعة من إعلان إنشاء وتعيين "مجلس الحكم" العراقي، أعلنت قوات الإحتلال في العراق، ودون الرجوع للمجلس الموقر بأعضائه المناضلين البواسل، أعلنت بأن القوات الأمريكية سوف تبقى في العراق لأجل غير مسمى، لأن الوضع الأمني غير المستقر (أي المقاومة ضد الإحتلال) يضطرهم للبقاء، ويضطرهم للتضحية بجنودهم وقواتهم للحفاظ على أرواح العراقيين وترتيب الوضع الأمني داخل العراق، تحقيقاً لأهدافهم النبيلة في هذه الحرب التي تقول عنها "لجنة مشروع تعداد المدنيين القتلى في العراق من جراء العمليات العسكرية المباشرة لقوات التحالف في عام 2003" (لجنة آي بي سي تم تشكيلها في طوكيو-اليابان) إن القتلى المدنيين في العراق، من العمليات العسكرية المباشرة لقوات التحالف، قد بلغ كحد أدنى حتى تاريخ 15 يوليو 6058 قتيلاً، أما القتلى العسكريين فلا يعلم بأعدادهم أحد .... ؟؟؟
طبعاً كل هذه الترتيبات السياسية تتم في أروقة مكاتب الإدارة الأمريكية في العراق بينما القوات الأمريكية ودباباتها ومدرعاتها العسكرية تمارس دور الإرهاب المنظم ضد المدنيين العراقيين في بيوتهم وشوارعهم وأحيائهم. ويمكن للمتتبع للفضائيات العربية والأجنبية أن يتأكد بأن أسلوب عمل القوات الأمريكية ضد الشعب العراقي هو نفس الإسلوب الصهيوني في التعامل مع الشعب الفلسطيني، حتى في طريقة الإعتقالات العشوائية وربط الأيادي والأرجل بالسلاسل والحبال، والإنبطاح على الأرض ووضع رقاب العراقيين تحت الأقدام والجزم العسكرية، وسحبهم اليومي لمجموعات الشباب إلى المعتقلات المختلفة التي لا يستطيع أهالي المعتقلين الوصول إليها أو معرفة أخبار أبنائهم بعد اعتقالهم من خلالها، مما يؤكد بأن هؤلاء القوات مدربين جيداً في معاهد الإرهاب الإسرائيلية، وأن الإدارتين (الإسرائيلية والأمريكية) متكاملتين ومتعاونتين في أداء أدوارهما الإحتلالية.
هذا بالضبط ما يدعى بالديمقراطية الأمريكية التي تبدأ من جانب بالقتل والملاحقة والإعتقال والترهيب، لإشاعة الخوف والرعب بغرض التخلي عن فكرة المقاومة، وتنتهي في الجانب الآخر بالإعلام الأمريكي، المسيطر والمتلاعب بالعقول ، ليكمل المشوار بغرض تحويل هذه الشعوب إلى نسخ مطبوعة ومتكررة من الشعب الأمريكي (المرفه والمحسود على حريته وديمقراطية حكومته).


كلمات دالة: