نحو إقامة مجتمع المعرفة- تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2003 / 5

فيما يخص أهمية الإعلام في نشر واكتساب المعرفة يؤكد التقرير إن الإمكانات المتاحة للإعلاميين العرب ولوسائط الإعلام العربية تعاني من الشحة الشديدة في المعلومات وتدفقها ومن صعوبة الوصول إلى هذه المعلومات ومصادرها، تحججاً بقائمة طويلة من المحظورات التي يأتي الحفاظ على الأمن القومي والوطني على قمتها. إضافة إلى ذلك فإن جميع وكالات الأنباء العربية تعاني من عدم الاستقلالية وعدم العلمية في عملها كما تعاني من ضعف إمكاناتها البشرية والتقنية، لكونها مملوكة من قبل الأنظمة الحاكمة التي تسخر هذه الوسائل للدعاية لسياساتها فقط، مما يدفع جميع وسائل الإعلام العربية إلى الاعتماد على وكالات الأنباء الأجنبية ، وترديد ما تبثه هذه الوكالات في وسائلنا العربية بشكل آلي دون التمعن فيما وراء هذه المعلومات والأنباء من مؤثرات سلبية أو إيجابية على المجتمع.


يذكر التقرير أيضاً إن هناك فقر تام في وجود وسائل إعلامية متخصصة في مختلف المجالات الحيوية مثل الاقتصاد والصحة والمرأة ... وغيرها، بالإضافة إلى أن غالبية المؤسسات الإعلامية العربية لا تملك مراكز للمعلومات، وإن وجدت، فإنها تكون مراكز تقليدية غير مواكبة لتكنولوجيا المعلومات التي يجب أن تقدم الخدمات الإعلامية للمواطن بشكل متعمق ومتطور.
وفيما يخص المضامين الإعلامية للإعلام العربي فإن التقرير يؤكد نمطية هذه المضامين وتشابهها وسطحيتها بالإضافة لإتباع التقليد وسيطرة المواد الترفيهية ذات القيم الاستهلاكية التي تسعى لنشر مفاهيم الثراء السريع وإهدار قيمة العمل والفرد.
وفي هذا المجال نذكر مقولة للدكتور سعيد دودين، الأستاذ في جامعة برلين وباحث في مركز ون ورلد ميديا (One World Media) الألمانية، وهو من المراكز الإعلامية العالمية التي تلجأ إليها معظم المؤسسات في العالم لتوثيق صحة تقاريرها من الأخبار والأحداث ومؤثراتها الإعلامية، حيث يقول الدكتور دودين في معرض حديثه عن الوضع السياسي الرسمي والشعبي العربي، وعن عدم فعالية الإعلام العربي "إن الإعلام العربي إعلام غبي ويأخذ المعلومات من الغرب ويكررها كالببغاء دون التمعن في أصل وأهداف هذه المعلومات".
وفي جانب آخر يمكننا تأكيد هذا الوضع الإعلامي العربي المتدني من خلال ما يذكره إحد الإعلاميين العرب المرموقين والمعروفين بدفاعهم عن الحق العربي في جميع وسائل الإعلام العربية والأجنبية، من إنه فوجئ عندما علم من أحد المسئولين في أحد أشهر الفضائيات العربية بأن إسمه على رأس قائمة الأسماء التي استلمتها إدارة الفضائية من الجهات الأمريكية كأمر بعدم استقبالهم في برامجها بسبب مواقفهم القومية التي يمكن أن تؤثر سلباً على ما يبثه الإعلام الأمريكي ضمن الخطة الأمريكية للهيمنة على المنطقة ، والأدهى من ذلك إن إدارة الفضائية، التي هي ملك لأفراد من النظام الحاكم في ذلك البلد العربي، وافقت على هذه القائمة وعملت بها مطيعة صاغرة...