المجتمع المدني ... هل هو البديل؟

يقول أحد الأخوة العرب المقيمين في البحرين لفترة تزيد على الأربعة عشر عاماً نظراً لعمله في إحدى الهيئات الدولية، يقول بأنه حضر الكثير من فعاليات المعارضة البحرينية، التي تشكل الثقل الرئيسي في المجتمع المدني البحريني، وحسب وجهة نظره يرى أن هذه المؤسسات لا تمارس السياسة وأنما تؤدي نشاطاً ينطوي على نزعات وأهداف مختلفة، ويؤكد إن القائمين على إدارة هذه المؤسسات "لا يعرفون ترتيب الأولويات الوطنية برؤية سياسية، ولا يجيدون وضع خطة عمل علمية لتنفيذ تلك الأولويات بمفهوم هذا العصر، لذلك لا يعد نشاطهم عملاً سياسياً حسب الأسس والمرتكزات الوطنية".


وتذكر إحدى الأكاديميات البحرينيات ملاحظاتها على الفعاليات السياسية والندوات التي تقام بواسطة مختلف مؤسسات المجتمع المدني، بإن هذه الفعاليات والندوات تفتقد لمنهجية الحوار الهادف للإستفادة من هذا الكم الكبير من هذه النشاطات في التوعية ونشر المعرفة بين أوساط أولئك الجماهير الملتزمة بالحضور والمشاركة المكثفة، فتصف عملية التفاعل داخل هذه المناسبات "وكأنها عملية إجترار لشحنات عاطفية، واستعراض لقدرات خطابية، فلا يمارس الحضور أي حوار منهجي أو مناقشة فكرية أو موضوعية حول رؤية المحاضر أو موضوع الندوة... ولذلك عادة ما تخرج الجماهير من تلك الفعاليات بالمزيد من الشحنات السلبية لعدم إحساسها بالإكتفاء النفسي أو بالثقة في إيجاد حلول لمشاكلها أو التوصل لنتائج نحو التغيير".
هذه بعض الرؤى العلمية حول ضعف ممارسات مؤسسات مجتمعنا المدني البحريني، في الوقت الذي تتباحث النخب بصدد إيجاد المجتمع المدني العربي الجماهيري ليكون البديل الوطني المطلوب لأداء الدور المعرفي والثقافي والسياسي المفقود في الشارع العربي، وذلك الدور المطلوب نحو ترتيب أوضاعنا الداخلية والمساهمة في إيجاد الحلول لمشاكلنا المعرفية والسياسية، ولحاجتنا الملحة لإيجاد المناخ المعرفي المطلوب نحو تحقيق التنمية الإنسانية.
وحيث أن عهد الثورات قد ولّى والقناعة تتزايد بأهمية وإمكانية تحقيق الكثير من خلال السياسات الإصلاحية في جميع المجتمعات، علينا إن نعلم بأن أهم ما تحتاجه مجتمعاتنا العربية لتحقيق أهدافها هو الإصلاح السياسي القائم على بناء الصرح المعرفي بجانب بناء مؤسسات الدولة الديمقراطية، والاصلاح الاجتماعي القائم على بناء المجتمع الديمقراطي بمنظماته القوية الداعمة لدور الدولة، ضمن استراتيجية وطنية وديمقراطية متوازنة تعمل على كسب الشعوب العربية للوقوف مع حكوماتها وتوزيع المهام بين السلطات والشعوب بما يحقق الأمن والرفاه للجميع.