التكلفة المتفاقمة للحرب الأمريكية على العراق 4/6

هذه المعلومات مستقاة من دراسة طويلة أعدتها مجموعتان أمريكيتان للأبحاث والدراسات هما "معهد دراسات السياسة" و"مشروع دراسة السياسة الخارجية"، حول التكلفة الباهظة للحرب الأمريكية على العراق (حتى 16 يونيو 2004) ... وتكتسب هذه الدراسة أهميتها من كونها تكشف التكلفة المادية والإنسانية والبيئية والإقتصادية والإجتماعية بجانب التكلفة السياسية لهذه الحرب، بعدما اتضح للعالم كذب كل المبررات التي وضعت لها.
تكاليف السيادة
على الرغم من الإدعاء بأن الولايات المتحدة “ستنقل السيادة” في 30 يونيو إلى العراق، إلا أن عراق ما بعد نقل السيادة سيظل بلداً محتلاً، ولا يغير وجود الحكومة المؤقتة العراقية أو صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1546 حقيقة إحتلال العراق من قبل 138 ألف جندي أمريكي و20 ألف جندي من دول أخرى، أو حقيقة السيطرة الاقتصادية والسياسية والأمنية الأمريكية على العراق.


السيادة السياسية
تعكس الحكومة المؤقتة الجديدة إستمرار السيطرة الأمريكية على العراق. وقد تم تشكيل الحكومة عبر مفاوضات بين المحتل ومجلس الحكم العراقي الذي شكله المحتل. وإعترف الابراهيمي، مبعوث الأمم المتحدة، بالضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة عليه، الأمر الذي جعل قيامه بمهمته مستحيلاً، وقال: “إن بريمر هو ديكتاتور العراق، إذ إنه يتحكم في المال، وله حق التوقيع، ولا شيء يتم دون موافقته في هذا البلد”.
وتنص المادة الأولى من قرار الأمم المتحدة رقم 1546 على “أن الحكومة المؤقتة العراقية ذات السيادة” ستتولى “المسؤولية والسلطة الكاملة بحلول 30 يونيو 2004” ولكن تضيف أن الحكومة ستتمتع بالسلطة فقط “مع الامتناع عن اتخاذ أي اجراءات تؤثر في مصير العراق لما بعد الفترة الانتقالية لحين تولي حكومة عراقية انتقالية منتخبة مقاليد الأمور” وهو ما سيحدث طبقاً للمادة 4(أ) فقط بحلول 31 ديسمبر 2005. ويعني ذلك إن الحكومة المؤقتة لن تتمتع بسلطة نقض أو إبطال القرارات الأساسية التي يفرضها الحاكم الأمريكي للعراق بول بريمر، بما في ذلك قوانين خصخصة الثروات العراقية، او تقييد حرية الصحافة، أو السماح لشركات أجنبية بالتحكم في عملية إعادة التعمير. ويصادق القرار 1546على الحكومة المؤقتة، ويُحَوّل القوات الأمريكية وقوات التحالف إلى “قوة متعددة الجنسيات” مفوضة من الأمم المتحدة، ولكن القرار لا يغير طبيعة قوات الإحتلال، ولا يمنح الحكومة المؤقتة العراقية حق رفض العمليات العسكرية الأمريكية. وكان الهدف من التغييرات التي تفاوضت واشنطن ولندن بشأنها مع أعضاء مجلس الأمن الدولي الآخرين هو تهدئة المعارضة الأوروبية للخطط الانجلوأمريكية في العراق وليس اعطاء العراق سيادة حقيقية.
وبينما يعكس قرار الأمم المتحدة تأكيدات إدارة بوش بأن نقل السلطة في 30 يونيو سيسلم الحكومة العراقية السيادة على الشعب العراقي، إلا إن الخطط الخاصة باستمرار الوجود الأمريكي في العراق بواحدة من أكبر السفارات الأمريكية في العالم، حيث يصل عدد العاملين فيها إلى نحو ألف موظف أمريكي يشرفون على أموال إعادة التعمير، والتي تصل الى 4,18 مليار دولار، إضافة إلى مكاتب دبلوماسية أمريكية في أربع مناطق أخرى في العراق (ليصل العدد إلى 3000 موظف)، هذا الوجود الأمريكي يدل على عكس تلك التأكيدات بنقل السيادة ... والأمر الذي يفوق ذلك خطورة هو أن مائتي مستشار أمريكي ودولي سيبقون “كاستشاريين ملحقين” بعدة وزارات عراقية، وتعمل الولايات المتحدة، عسكرياً ، على بناء 14 “قاعدة دائمة” في العراق، يجري تصميمها لتكون بمثابة معسكرات لآلاف الجنود الأمريكيين الذين يتوقع أن يعملوا في العراق خلال العامين المقبلين على الأقل.
ومن خلال السيطرة على الأموال المخصصة للعراق والتحكم في الوضع العسكري فإن هؤلاء المستشارين الأمريكيين سيتمتعون بنفوذ وتأثير قويين على قرارات الوزراء العراقيين.
خلال العام ونصف العام الذي مضى أخلّت إدارة بوش بالتزامها كسلطة إحتلال بمقتضى معاهدات لاهاي وجنيف، بتوفير ضروريات الحياة دون أن تغير بشكل أساسي قوانين العراق الاقتصادية.
تابعوا الحلقات القادمة ...