التكلفة المتفاقمة للحرب الأمريكية على العراق 5/6

هذه المعلومات مستقاة من دراسة طويلة أعدتها مجموعتان أمريكيتان للأبحاث والدراسات هما "معهد دراسات السياسة" و"مشروع دراسة السياسة الخارجية"، حول التكلفة الباهظة للحرب الأمريكية على العراق (حتى 16 يونيو 2004) ... وتكتسب هذه الدراسة أهميتها من كونها تكشف التكلفة المادية والإنسانية والبيئية والإقتصادية والإجتماعية بجانب التكلفة السياسية لهذه الحرب، بعدما اتضح للعالم كذب كل المبررات التي وضعت لها.
(تابع) السيادة السياسية:
أصدر بول بريمر نحو 100 أمر تعطي صلاحيات كبيرة للشركات الأمريكية، منها سلطة شبه مطلقة للتصرف هذه الشرمات في الاقتصاد العراقي، مع استبعاد العراقيين إلى حد كبير عن جهود إعادة الإعمار التي فشلت في توفير احتياجات العراقيين الأساسية. وتعطي أوامر بريمر الأولوية لهذه الشركات في ما يتعلق بتطوير الاقتصاد العراقي، وذلك من خلال وسائل عديدة تشمل:
• حرمان العراق من القدرة على إعطاء الأولوية للشركات العراقية او الموظفين العراقيين في جهود إعادة الإعمار، مثل منع الشركات العراقية المملوكة للدولة من تقديم عطاءات.


• السماح بخصخصة مشاريع مملوكة للدولة خصخصة كاملة وامتلاك الأجانب لشركات عراقية بنسبة 100%.
• السماح بتدفق المنتجات الأجنبية لإغراق السوق العراقية الأمر الذي دفع المنتجين المحليين الى التوقف عن العمل.
• إلغاء القيود على التدفقات الرأسمالية.
• عدم الاشتراط على المقاولين تقديم الخدمات أولاً ثم استلام الدفعات لاحقاً.
ولا يشير قرار الأمم المتحدة 1546 تحديداً الى هذه القرارات، الأمر الذي يدفع الكثير من المراقبين الى الإستنتاج بإنها ستبقى سارية المفعول ومعززة بالمادة “1”. وعلاوة على ذلك، يعزز هذا القرار النفوذ الأمريكي على صناعة النفط العراقية. وقد أنشأ قرار سابق للأمم المتحدة وهو القرار 1483 “صندوق تطوير العراق” لإدارة العائدات المتحققة من مبيعات النفط العراقي، والأموال المتبقية من برنامج النفط مقابل الغذاء، والأصول الأخرى التي تم الاستيلاء عليها من النظام العراقي المعزول.
وفي حين ملأت إدارة بوش الدنيا كلاماً عبر وسائل الإعلام بأن النفط العراقي يخص شعب العراق، فإن صندوق تطوير العراق تم وضعه تحت سيطرة سلطة الائتلاف المؤقتة.
ودعا القرار 1483 أيضاً الى إنشاء مجلس استشاري ورقابي دولي لتعزيز شفافية صندوق تطوير العراق وقابليته للمساءلة المالية. وعلى الرغم من وصف صندوق تطوير العراق بأنه “عيون وآذان المجتمع الدولي” إلا ان سلطة الائتلاف المؤقتة استغرقت نحو ستة أشهر لتنشئ الصندوق، وحتى يونيو 2004 لم يتم انهاء أي تدقيق للدخل الذي يقدر بحوالي 20 مليار دولار، والمصروفات التي تقدر بحوالي 11 مليار دولار. ورغم إن ظاهر الأمر، يعطي قرار الأمم المتحدة إنطباع إن للعراقيين سيطرة أكبر على عائدات النفط حيث ينص على إن “الانفاق من صندوق تطوير العراق سيتم فقط بتوجيه من حكومة العراق”، إلا أن القرار يحدد كيفية إيداع الأموال في الصندوق ويفوِّض تمديد المجلس الاستشاري والرقابي الدولي، وليس للعراقيين سوى عضواً واحداً فقط له حق التصويت في المجلس الاستشاري والرقابي الدولي.
ومن أجل المزيد من الإضعاف للسيادة العراقية على قطاع النفط، وقّع الرئيس بوش الأمر التنفيذي رقم 13303 في مايو 2003 وأكده في مايو 2004، بإلغاء الحماية البيئية الدولية فيما يتعلق بعمليات التسرب النفطي او الكوارث البيئية الأخرى، ومنح حصانة شاملة للشركات الأمريكية التي تملك أو تسيطر على النفط العراقي أو المنتجات العراقية من خلال أي وسائل. ولا يوجد تاريخ لإنهاء تلك الحصانة وبالتالي، وفي حال حدوث أية أضرار نتيجة لنشاطات شركات النفط، فإن المواطنين العراقيين ليس لهم ملجأ قانوني يلجأون له لأن تلك الحصانة تجعل “العملية القضائية باطلة وملغاة”.
ويبقي قرار الأمم المتحدة الجديد أيضاً الحصانات الممنوحة لشركات النفط بموجب القرار 1483، ولكنه يستبعد الحصانات الممنوحة بموجب عقود موقعة بعد 30 يونيو، ويعني هذا إن الشركات المختارة بوساطة الولايات المتحدة حصلت على الحماية، وإن الشركات التي يختارها الشعب العراقي لن تتمتع بالحماية.
بعد التكاليف التي يدفعها العراق، تابعوا في الحلقات القادمة التكاليف التي يدفعها العالم لهذه الحرب ...