التكلفة المتفاقمة للحرب الأمريكية على العراق 6/6

هذه المعلومات مستقاة من دراسة طويلة أعدتها مجموعتان أمريكيتان للأبحاث والدراسات هما "معهد دراسات السياسة" و"مشروع دراسة السياسة الخارجية"، حول التكلفة الباهظة للحرب الأمريكية على العراق (حتى 16 يونيو 2004) ... وتكتسب هذه الدراسة أهميتها من كونها تكشف التكلفة المادية والإنسانية والبيئية والإقتصادية والإجتماعية بجانب التكلفة السياسية لهذه الحرب، بعدما اتضح للعالم كذب كل المبررات التي وضعت له.
التكاليف التي يدفعها العالم: أ - التكاليف البشرية:
قتلى التحالف: بينما يشكل الأمريكيون الغالبية العظمى من العسكريين والمتعاقدين في العراق، إلا أن جنود التحالف عانوا بدورهم من الخسائر في العراق، إذ بلغ عدد قتلاهم مع نهاية مايو 2004، حوالي 116 قتيلاً. ولا تتتبع وزارة الدفاع الأمريكية أخبار القتلى والجرحى العسكريين أو المدنيين غير الأمريكيين في العراق.


تحويل الموارد: إضافة إلى التكاليف البشرية المباشرة، فقد استنزفت تلك الحرب الموارد الدولية الشحيحة، وتركت المجتمع الدولي غير قادر على مواجهة حالات الطوارئ، بما فيها الأزمات الانسانية في السودان والشيشان أو الكونجو الديمقراطية، فاهتمام الأمم المتحدة، وقوات حفظ السلام، والكفاءات الدبلوماسية، والدعم السياسي، والمساعدات الانسانية، وأموال إعادة البناء والتنمية، أصبحت جميعها شحيحة، حيث يتركز اهتمام العالم على العراق.
ب- تعطيل القانون الدولي: جرى تقويض القانون الدولي بدرجة كبيرة بفعل الحرب، حيث لم تتوفر جميع شروط الحرب الذي يفرضه ميثاق الأمم المتحدة في حالة تلك الحرب على العراق، وبخاصة انه لم يظهر أي دليل يبرهن الادعاءات التي أطلقتها ادارة بوش، أو رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، في ما يتعلق بالخطر “الوشيك” الذي يظهر أن أسلحة الدمار الشامل العراقية تشكله.
الحرب الاستباقية: في شن الحرب في العراق، أضفت الادارة الأمريكية الشرعية على مبدأ الحرب الوقائية أو المنعية، كأساس لعلاقاتها الدولية. وبالإضافة إلى تقويض القيود المفروضة من قبل ميثاق الأمم المتحدة، أرست الحرب قواعد سابقة خطيرة تتيح للدول الأخرى أن تقوم بدور المعتدي العسكري، وتنتهز أي فرصة للرد عسكرياً على التهديدات المزعومة أو الحقيقية، مما يجب في نظرها “استباق وقوعه” وإحباطه.
الانفرادية: قبل أسبوعين فقط من وقوع الحرب، قال الرئيس بوش “حين يتعلق الأمر بأمننا، لا نحتاج في الواقع إلى إذن من أحد”. وهكذا أدّى القرار ألأمريكي المنفرد، بالذهاب إلى هذه الحرب إلى ما يُطلق عليه اسم الحرب العدوانية أو المنعيّة، وهذه الحرب مدانة قانونياً من قبل ميثاق نورمبرج، الذي يحظر “التخطيط للحرب العدوانية، أو التحضير لها، أو البدء بها أو شنها”، كما يحظر الحرب المخالفة للمعاهدات الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، الذي يشكل المعاهدة الدولية الأساسية. ولم تكن تلك الحرب استباقية وقائية، لأن ذلك يقتضي وجود خطر وشيك، وهو الأمر الذي نعلم إنه لم يكن موجوداً في العراق. وفي الحقيقة، كانت الآراء العامة التي تتحدّى ادعاء وجود “خطر وشيك” في العراق، موجودة قبل بدء الحرب، في أوساط وكالات الاستخبارات الأمريكية، وبين الخبراء الأكاديميين، والمحللين في الخارج، ولدى مصادر الاستخبارات في الدول الأخرى، والكثير من الأوساط الأخرى.
أسس الحرب: تنتهك تكتيكات الحرب مبادئ أساسية في القانون الدولي، وبصورة أساسية مبادئ اتفاقيتي جنيف الثالثة والرابعة، اللتين تنصان على حماية السكان المدنيين في زمن الحرب، ومعاملة السكان في ظل الاحتلال العسكري، وقوانين الحرب ذاتها التي تتعلق بالتناسبية والأسلحة والتكتيكات غير الشرعية، وقصف مراكز تجمع السكان المدنيين والمواقع الدينية ينتهك متطلبات جنيف، واستخدام أسلحة اليورانيوم المنضب يخالف الحظر الذي تفرضه المعاهدة على الاستخدام غير المتناسب للقوة.
وخلال احتلال العراق، إنتهك الجيش الأمريكي كل محظورات اتفاقية جنيف فيما يتعلق بالعقاب الجماعي، بما في ذلك العقاب من خلال حظر التجول، وإغلاق بلدات وقرى برمتها، وهدم المنازل، واعتقال أو اختطاف أفراد عائلات مسلحين مطلوبين لاستخدامهم رهائن من أجل إجبار المطلوبين على تسليم أنفسهم.
تابعوا المزيد من هذه المعلومات ...