أين نحن من التغيير...؟

هل يا ترى نحن، أبناء هذه المنطقة العربية المنكوبة برموز ومعايير حاكمية تدين بولائها للأجنبي وليس للشعب العربي، هل يا ترى نحن جديرون بمواجهة الثورة التي فرضت علينا من الخارج ؟، وهل نحن قادرون على توجيه هذه الثورة بما يخدم تغيير الواقع العربي الراهن، وبما يخدم خلق فرص لحياة أفضل للأجيال القادمة من خلال تغيير تلك الرموز والمعايير الحاكمية غير الرشيدة إلى أسس رشيدة ترفض الركوع لإرادة الأجنبي ، ولا تراهن على مصالح الشعوب؟ ... هذا هو السؤال الذي يجب أن يطرحه اليوم كل عربي قادر على قراءة ما بين السطور في كل تلك التقارير الأمريكية والغربية حول الديمقراطية في هذه المنطقة... وكل عربي قادر على قراءة النظام الرسمي العربي السائر باندفاع نحو كسب كلمة إشادة واحدة في تلك التقارير... وكأن تلك الإشادات هي الحل السحري والنهائي لكل ما ابتلت به هذه الأمة من بلاء سياسي واجتماعي واقتصادي وعلمي يمتد جذوره من أحقاب الاستعمار القديم لتصل بنا إلى الاستعمار الجديد الذي نعيش كل مظاهره ومضامينه ... فأصبحت تلك الإشادات في تلك التقارير تشكل، للبعض، قشة النجاة والهدف الأسمى المطلوب تحقيقه للحصول على صك البراءة من البطش الغربي... والخوف كل الخوف من هذا البطش...

لأن الشعوب العربية، بكل ما بداخلها من خلافات وانقسامات، لم تعد مصدر قلق أو خوف لهذه الأنظمة العربية... بقدر ما يشكل البطش الغربي اليوم مصدراً لذلك الخوف والقلق.
يدور الحديث، اليوم، وبكثافة، حول كل ما يحدث في مجتمعاتنا العربية، بدءاً من دول الخليج، فيما يخص تغيير المناهج المدرسية ، ولكننا لهذا اليوم لم نجد أية وسيلة وآليات شعبية حقيقية تقوم بدور التحقق من نوع التغيير الجاري في هذه المناهج على أرض الواقع... وما كل تلك الأحاديث أو ما يدعى بالحوارات إلا أحاديث مجالس لا تسمن ولا تغني عن جوع... بينما مكائن التغيير مستمرة وبسرعة عالية... فهل يا ترى، كما في القضايا الأخرى، لا نملك رؤيتنا السليمة في هذا التغيير القادم بثورة خارجية رغم إننا كنا يطالب به منذ عقود؟ ... أم إن القائمين على الشأن العام، في مختلف مؤسسات المجتمع المدني العربي، يجدون في ذلك التغيير القادم من الخارج لتحقيق مصالح الخارج أمراً هامشياً لا يستحق عناء التصدي والمواجهة؟؟ ...
إن الأحداث الجارية على الساحة العربية بشكل يومي... تثبت إن المقصود من تلك الثورة القادمة من الخارج ما هي إلا عملية جديدة لتكريس واقع التبعية إلى الأجنبي على أسس ومعايير هذا العصر، ولا شيئ غير ذلك... فهذا التغيير المنشود، والذي يعنى به حقن مناهج العلوم الإنسانية في المدارس والجامعات العربية بمفاهيم جديدة، لا هدف له غير خلق واقع استسلامي جديد لدى الناشئة والمجتمع بشكل عام والابتعاد بهم عن كل مفاهيم الرفض والمعارضة لما سوف يليه من ترتيبات وتغييرات على المستوى السياسي والاقتصادي، والذي سوف يكون أكثر إجحافاً عن الواقع المجحف الراهن الذي تعيشه الأمة...
فأين نحن من هذا التغيير... ؟؟؟