هل للطائفي حقوق المواطنة ؟؟ .. (2)

اذا كانت الطائفية متعلقة بمبادئ الاديان والطوائف فمن البديهي ان لا يستطيع انسان من طائفة ما ان يعيش مع إنسان من طائفة اخرى ولا أن يصادقه او يزوره، وهذا ما لم يحصل في أي مجتمع متعدد الأديان. اما اذا كانت الطائفية حجة ومبررا لاقتسام الحصص والمغانم وإضعاف الوطن، فهذا يعني إنها جريمة يجب ان يوجد قانون يعاقب فاعلها والمحرض عليها... لا أكثر ولا أقل.
واذا كانت مبادئ الاديان والمذاهب المختلفة مكتوبة ومعروفة، وكلها تحث على المحبة والتسامح والفضيلة... فكيف يمكن ان يوجد داخل الدين الواحد والمذهب الواحد اشخاص طائفيون وآخرون غير طائفيين؟... افلا يعني هذا ايضا ان الطائفية جريمة يطالها القانون الذي يفترض بالدولة القوية القادرة تطبيقه، قبل ان تستفحل وتصبح وباء يصعب حجره والتخلص منه؟؟...


واكثر من ذلك، اذا اعتبرت الطائفية حقا "مشروعا" يمارسه المواطنون في الوطن ، فما هي الحقوق "المشروعة" للمواطنين المؤمنين غير الطائفيين ، وهم موجودون في كل طائفة ودين؟... ومن يحفظ لهم هذه الحقوق؟... ومن يمنع كيل الاتهامات لهم وتخوينهم واعتبارهم منبوذين؟...
بالنتيجة تبقى الحقيقة العارية والمرة في مسألة هامة جداً وهي إن الطائفية نقيض الوطنية... لانها نقيض المساواة في الحقوق والواجبات، ولذا تشتد وتعلو انغامها عندما يبدأ الحديث عن الحقوق، وتخفت وتختفي اصوات دعاتها عندما يدور الحديث عن الواجبات.
وفي أحسن الاحوال، أي عندما يتحدث أحد الطائفيين عن الواجبات، فإنه لا يميز عندئذ بين المواطنين بل يعتبر ان على الجميع تأديتها... أما في الحالات الاستثنائية، أي عندما تقرر جماعة طائفية القيام بما تعتقد انه واجب عليها ، فإنها لا تحاول أبدا القيام به إلا من خلال منظماتها الخاصة، لأنها تعتبر أن القيام بالواجب من خلال الدولة يوزع خيرات هذا الواجب على المواطنين كلهم ويجعل الدولة قوية وقادرة، وهي لا تريد ذلك، بل ترغب في أن تعود هذه الخيرات إليها وحدها، أو بكلام ادق الى زعمائها. وهذا أمر يتنافى مع مبدأ وجود الأوطان، لأن الإنسان المواطن عندما يطالب بحقوقه وينالها، إنما يأخذها من سائر المواطنين، وليس من طائفته وحدها... فهل ثمة مفارقة أعظم من ذلك؟... وهل ثمة جريمة ترتكت بحق الوطن أعظم من أن يأخذ المواطن حقوقه من سائر مواطنيه، ثم يمتنع عن أداء الواجبات، إلا إذا عاد نفعها اليه وحده؟؟ ...
وهل ثمة حاجة الى التساؤل بعد ذلك عن السبب الحقيقي لوجود التنظيمات الطائفية؟ ...
وهل هناك ثمة حاجة بعد ذلك للإجابة على تساؤلاتنا حول هل الطائفي يقدم ولائه وانتمائه للوطن؟... وهل يمكن أن يدافع الطائفي عن حدود وطن لا تربطه به صلة الولاء أو الإنتماء لأسباب الإختلاف الطائفي؟... وهل يمكن المحافظة على أمن وسلامة واسـتقرار الوطن من ممارسات الطائفيين؟... وفي النهاية هل يستحق الطائفي حقوق المواطنة؟....


كلمات دالة: