دفاعاً عن الموضوعية...

بينما لا تزال الإثارة الإعلامية، وخلط الأوراق، مستمران في قضية تحقيقات هيئتي التأمينات والتقاعد، إذ بأحد نوابنا الأفاضل، وهو يلح على إستجواب وزير الصحة، يصرّح للصحافة بإننا على موعد مع التحقيق في قضية "الصحة" الذي سوف يكون أكثر إثارة من تحقيقات التأمينات والتقاعد... وهكذا أصبح الشارع البحريني في سباق مع الإثارة السينمائية في مسلسل جلسات مجلس النواب، دون تقدير حقيقي للآثار والتبعات السلبية لهذه الممارسات، التي لا علاقة لها بالموضوعية والمصلحة العامة بأي شكل من الأشكال... بقدر ما لها من علاقة بالتباري بين النواب للوصول إلى قلب الشارع، حتى لو استدعى الأمر عدم الكشف عن الحقائق كاملة، والإكتفاء بجانب واحد من الحقيقة...


لطالما قيل بإن الديمقراطية عبارة عن ممارسات يومية يتعلمها الإنسان عندما تتوفر له إمكانيات وآليات هذه الممارسات من خلال المؤسسات والتشريعات الديمقراطية، ولكن عندما يتم استغلال هذه الآليات لتحقيق أجندات خاصة بمصالح أفراد وأطراف معينين على حساب مصالح المجتمع، فإن الديمقراطية وكل آلياتها تتحول إلى سلاح نافذ لا يختلف عن سلاح القمع والإرهاب الفكري... لهذا يقع على الإعلام مسئولية كشف هذه الممارسات، ونشر الحقائق بأركانها الكاملة، لتوفير الخيارات أمام الناس أولاً، ورفع مستوى الوعي في المجتمع ثانياً، وللدفع بالعملية الديمقراطية للأمام بعيداً عن دوائر الاستغلال ثالثاً.
وفي هذا المجال، وبهدف إنصاف الحقيقة في قضية وزير الصحة، أنقل هنا رأياً لأحد كبار الأطباء في البحرين، ليكون رأياً متخصصاً وقريباً من الواقع المهني لهذه الوزارة، دون تدَخّل... فهو يقول:
أولاً: إن الوزير إنسان وليس بنبي، والإنسان يخطئ ويصيب، وكلما عمل الإنسان أكثر كلما زادت أخطائه.
ثانياً: كان الأجدى بالطبيب الذي مُنِعَ، بقرار من الوزير، من إجراء العمليات في مستشفى السلمانية اللجوء إلى القضاء عوضاً عن التشهير بالوزارة والوزير في الصحف، لما يسببه هذا التشهير، المتكرر وغير المسؤول، من إساءة لسمعة هذا المجال الحيوي الذي نحاول أن نكسبه الثقة وليس العكس.
ثالثاً: هذا الطبيب بالذات، وبصفته السابقة كرئيس لأطباء السلمانية في حينها، وقّع منذ عدة سنوات، بأمر من وزير الصحة الأسبق، على قرار بمنع أطباء العيادات الخاصة من إجراء العمليات في مستشفى السلمانية، دون أن يبدي هو شخصياً أي معارضة على ذلك القرار، فما الذي جعله يرفض هذا القرار اليوم عندما صدر ضده شخصياً.
رابعاً: قيل الكثير عن القصور في عدد الأسرة في وحدة العناية القصوى، ولكن لم يُذكَر الجزء الآخر من الحقيقة، وهو إنه بجانب هذه الوحدة هناك وحدة للعناية القصوى للأطفال، ووحدة أخرى للعناية القصوى لمرضى القلب، وهناك وحدة جديدة للعناية القصوى لأمراض النساء والتوليد سوف يتم إفتتاحها قريباً.
خامساً: للإنصاف يجب التأكيد بإن هناك بعض جوانب القصور في وزارة الصحة لها علاقة بالميزانية العامة للوزارة، وهذا ما لا علاقة للوزير به، وتجاهل هذا الأمر يعد تضليلاً للرأي العام.
خامساً: الأطباء، المستمرين في حملتهم ضد الوزير، وعددهم بسيط جداً، يحمل كل فرد منهم أجندته الخاصة في هذه الحملة، إذ هناك من الأطباء من يرى في نفسه الكفاءة والأحقية للوصول إلى منصب الوزير، وهناك من يريد ترويج عمل مركزه الطبي الخاص... وهناك من يحمل أجندات لا علاقة لها بالشأن الطبي أو بالمصلحة العامة، فلا يمكن الأخذ بأقوالهم بعيداً عن هذه الدوافع.
سادساً: يجب مراعاة سمعة قطاع الصحة ومهنة الطب في البحرين قبل التفكير بعمليات التشهير، والتلويح بالإستجوابات البرلمانية، التي يراد بها تحقيق مصالح ذاتية، وليس المصلحة العامة.
قد تكون النقاط التي ذكرها دكتورنا الفاضل، مختصرة، نسبة لمجمل القصص المتداولة في القضية، إلا إنها ذات دلالات موضوعية تقاس عليها الأحداث الأخرى...


كلمات دالة: