هل واقعنا الإعلامي إنعكاس لواقعنا الثقافي، أم ماذا؟

خلال فترة تزيد على الخمسة وعشرين عاما، ندعوها فترة قانون أمن الدولة، دخلت منطقة الخليج عموماً والبحرين خصوصاً في مراحل متسلسلة من الزيف الثقافي والبهرجة الإعلامية التي لم نتجاوزهما حتى الآن... إذ تغلغلت هاتين الظاهرتين، إضافة إلى ظواهر إستهلاكية أخرى، في نسيج مجتمعاتنا، لإضعاف بنيتها الفكرية بما تحمل من مقومات الوعي الوطني والإرادة الشعبية الرافضة للإستعمار والهيمنة والإستغلال... مما جعل حالة التدني الثقافي والقصور المعرفي المغلفة بهالة من البهرجة الإعلامية هي القاعدة التي نشأ عليها جيل العقود الثلاثة الأخيرة في هذه المجتمعات...

وبهذه القاعدة وهذا النشأ تكونت البيئة المناسبة لإنتاج بعض الأقلام والوجوه الإعلامية، القادرة على أداء دورها في إعادة إنتاج هذا المجتمع في ظل المزيد من القصور المعرفي والثقافي، من خلال مختلف المنابر الإعلامية التي تعمل على إستمرار هذه الحالة وديمومتها...
قد يكون هذا هو ملخص الإجابة على ذلك السؤال الذي كثيراً ما يٌطرح بواسطة فعاليات بحرينية وعربية مختلفة حول ظاهرة تصدّر بعض الكتاب البحرينيين للأحداث المحلية والإقليمية والعالمية بأسلوب لا يرقى بتاتاً إلى مستوى هذه الأحداث وتعقيداتها التي لا تتحمل المزيد من الإرهاصات الغوغائية، والتي تشير بوضوح إلى عدم إمتلاكهم (هؤلاء الكتاب) أية معرفة بألف باء الإعلام، أو لمفاهيم الكتابة ومسؤولية القلم والرأي... أو لضرورة الإلتزام بالمقاييس والمعايير العلمية التي من أهمها إمتلاك الكاتب لتلك البوصلة الفكرية الملتزمة بالمصالح الوطنية والقومية ، والإبتعاد عن أسلوب فرض الرأي المطلق والجزم به ، الذي يمارسه غالبية كتابنا حتى دون ذكر أي دليل أو إثبات أو مرجعية تدعم رؤاهم، وغير ذلك من المعايير التي يجب أن يتعلمها الكاتب أكاديمياً أو يكتسبها من خلال عمقه الثقافي والفكري وممارساته ونشاطاته مع مختلف المرجعيات الثقافية والسياسية والإعلامية والمجتمعية، التي يكونها على امتداد سنوات عمره لتزيده حكمة وسعة أفق والقدرة على التعامل الإيجابي مع مختلف القضايا والأحداث دون أن يقع في شباك الغضب والسلبية والطائفية والعصبية والذاتية والأنانية في فكره وأدائه.
وأخيراً، وبإختصار شديد، لا يمكن تجاهل دور القائمين على هذه المؤسسات والمنابر الإعلامية، ومسؤوليتهم في تأسيس هذا الحالة الإعلامية والثقافية السلبية التي لا تعكس حقيقة الواقع البحريني... وإنما في جوانب كثيرة تعكس التدني الفكري والثقافي لهؤلاء المسؤولين الذين هم غير مناسبين لمناصبهم (حسب مقولة الرجل المناسب في المكان المناسب).


كلمات دالة: