إنها الحرب، فيها كسر العظم بالعظم يجوز...

مع إحترامي وتقديري للزميل عقيل سوار، أقتبس عنوان مقالي هذا من عنوان مقال له عن حقيقة الحرب غير الآدمية التي يقودها الإحتلال الإمريكي، في الأحياء السـكنية والمستشفيات والبيوت والمساجد العراقية، جيش بكامل عدته العسكرية الباطشة ضد شعب يقاوم ببقايا أسلحة وبأرواح أبنائه.
- إنها الحرب، نعم، وليست النهاية، بل هي البداية ، فما يحصل في العراق، في ذكرى مرور عام على إحتلاله، لم يخرج من دائرة توقعات وتحليلات كل من يعرف تاريخ العراق، فلم يكن من المتوقع أن يستمر العراقيون فترة أطول من ذلك العام في قبول ضيم الإحتلال، وذله وإستفزازاته... فكان متوقعاً، بل مؤكداً، أن يتفاعل هذا الوضع ليصل إلى مرحلة حرب التحرير الشاملة التي بدأت وسوف تستمر بين إرتفاع وهبوط دون توقف، حتى يخرج المحتل من العراق.


- حسب كل التوقعات والدراسات، التي جاءت بعيداً عن التوقعات الإمريكية، التي لم ترى في العراق وروداً في إستقبال قواتها، بل جحيماً يزداد لهيبه إشتعالاً كل يوم... حسب كل تلك التوقعات يؤكد العراقيون إنهم ليسوا بشعب يقبل بالإحتلال والإذلال، لأنه شعب يعرف مفاهيم الكبرياء والكرامة الوطنية بعيداً عن مفاهيم السوق المادية والتخمة الإستهلاكية، التي تتفاخر بها النخب المستجدة على طبقة اصحاب رأس المال العرب التابعين، الذين يجدون أوطانهم في البنوك التي تستثمر أموالهم، وتقاس وطنيتهم بأرقام أرصدتهم في تلك البنوك، أولئك الذين يحاولون رهن الكرامة العربية بحفنة من الدولارات... ويرون في رفض ومقاومة مخططات المحتل والمستعمر جهلاً وتخلفاً وغباء.
- خلال أربعة ايام من الحرب، كم من نداء استنجاد وجهه العراقيون إلى العرب، شعوباً وحكومات، للتحرك والدفاع عن حقوقهم في المحافل الدولية لفك حصار البطش الإمريكي عن مدنهم... ولكن يبدو إن لا حياة لمن تنادي... وإن هذه الحرب تجري في الوقت الضائع من تاريخ العرب، وإن قيادات منظماتنا المدنية، المستغرقة في خلافاتها وفي مماهاتها للقيم غير الوطنية تقرباً للنظام العالمي الجديد، لم تعد أفضل حالاً من قيادات الأنظمة العربية نفسها... ففي حين تستنفر منظمات حقوق الإنسان العربية، كل طاقاتها، لحالة تعذيب فرد أو أفراد في السجون العربية... نراها تتجاهل تماماً كل ما يحدث من مذابح يومية وإختراقات فاضحة وعلنية لحقوق الإنسان في العراق تحت أقدام الإحتلال... وفي الوقت الذي تتظاهر الشعوب في الشوارع في كل أنحاء العالم بقيادة منظماتها المدنية ضد الإحتلال الإمريكي للعراق، نرى منظماتنا العربية لا تزال تتناقش إن كان ما حصل للعراق يعد إحتلالاً أم تحريراً... وإن ما يقوم به العراقيون يعد مقاومة أم إرهاباً... وبعد، فما الفرق بين التبعية المعلنة للأنظمة وبين الإختراق غير المعلن لمنظمات المجتمع المدني؟؟؟...
- يقول رئيس رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان العراقية، "إن العمليات الإمريكية ضد المدنيين في العراق، تأتي ضمن خطة لتصفية المعارضة للوجود الإمريكي في العراق، قبل البدء في عمليات نقل السلطة للعراقيين، كي يتمكّن الإحتلال من تعيين عناصره في الحكومة العراقية القادمة من نفس مجلس الحكم العراقي الحالي، أو ممن على شاكلتهم، حيث لا يوجد عراقي شريف يقبل بالإشتراك في مؤامراتهم ضد العراق"... وهذا ما أكّده رامسفيلد يوم الإربعاء 7 أبريل 2004، عندما أعلن "إن العراق سوف يعيش مرحلة صعبة إلى أن يحين وقت أنتقال السلطة إلى العراقيين في 30 يونيو/حزيران 2004"... فحصار وتدمير الفلوجة تم التخطيط له من بعد محاولة إغتيال الجنرال الإمريكي جون أبي زيد على يد المقاومة العراقية في الفلوجة، وتصفية مقتدى الصدر وجيشه تأتي في نفس الإطار لإسكات كل صوت يمكن أن يرتفع ضد المخططات الإمريكية مستقبلاً.
- وهكذا، تستأجر الإدارة الإمريكية (جيوشاً) من القطاع الخاص الإمريكي، للحصول على المرتزقة وأشباه البشر من مختلف بقاع العالم لمهمة قتل العراقيين، وهذه (الجيوش) لا تلتزم بالمواثيق الدولية ولا بأصول الحروب، وللدفاع عن نفسها تمارس القتل والإبادة والتدمير...
- وهكذا تحقق الولايات المتحدة خططها التدميرية بأقل الخسائر في الأرواح الغالية لأبنائها...
- وهكذا سوف يكون وضع العراق والعراقيين، فإما القبول والرضوخ أمام فوهات الدبابات، وإما الموت بكل ديمقراطية...
هذه هي الديمقراطية الإمريكية... فسجلوا مآثرها.