تأمل في خطاب المعارضة...

ناقش ملتقى الأربعاء الأسبوعي في جمعية العمل الديمقراطي، تفاعلات أحداث برنامج "الأخ الأكبر" الذي تم إلغاء تصويره وبثه من البحرين، نتيجة لحركة الشارع البحريني الرافض لهذا النوع من برامج التلفزيون الواقعي... وكان للإقتصادي البحريني القدير، الدكتور خالد عبدالله، كلمة في هذه الندوة تدور حول الممارسات الوصائية التي يتم فرضها على المجتمع البحريني من قبل التيار الإسلامي السلفي، وتوقعاته المستقبلية حول مدى إتساع هذه الظاهرة الوصائية في المجتمع البحريني وتأثيراتها على مختلف أوجه الحياة البحرينية.
طوال تلك الندوة التي أخذت بآراء ومداخلات عدد كبير من أعضاء الجمعية، لم يتطرق الحاضرون بكلمة موضوعية واحدة عن تأثير هذا النوع من البرامج على ثقافة المجتمع العربي الإسلامي من حيث إنه جزء من مشروع إعلامي موجه وذو إسقاطات مختلفة على هوية المنطقة بشكل أو بآخر... ولا بكلمة واحدة معبّرة عن واقع هذه البرامج التي تلاقي رفضاً كبيراً حتى في المجتمع الغربي، حيث نشرت الصحافة الكثير من المعلومات بهذا الخصوص، مثل، إجبار إحدى المحطات التلفزيونية الفرنسية على إلغاء تصوير أحد هذه البرامج بالمظاهرات والإحتجاجات التي استمرت أمام مدخل المحطة، وقيام الأهالي بسد منافذ المحطة بأكوام من نفايات المدينة...

بجانب تلك الدراسات التي تتحدث عن حياة الأفراد الذين شاركوا في بعض هذه البرامج في الغرب، مشيرة إلى إن الغالبية منهم إنتهوا للعمل في دور العراة، وهناك من إنتهى بهن المطاف إلى العمل كفتيات غلاف لمجلة "البلاي بوي" المعروفة بالصور الخليعة والمبتذلة، وهناك من إنتهوا إلى حالات مختلفة من الإكتئاب والإنتحار.
إضافة إلى ذلك لم يطرح الحاضرون والمنتدون أية بدائل لحركة رفض الشارع لهذه البرامج... إذ من حيث إن هناك تعدد في الآراء حولها، يأتي دور المثقفين في طرح بدائل تعمل في إطار تجميع وجهات النظر... أو، على أقل تقدير، في إطار طرح رؤية الطرف غير الرافض لبث تلك البرامج وأسلوب التصدي لها من خلال رفع الوعي والتوجيه الثقافي نحو معرفة أهداف هذه الصرعة الإعلامية الجديدة.
إنصب غضب المتداخلين ، أو بالأحرى خطاب الجمعية، على التيار السلفي الذي وقف ضد تصوير وبث هذا البرنامج من البحرين، وعلى ما قام به ذلك التيار من تحشيد قواعده في تظاهرات علنية أمام موقع التصوير للتعبير عن رفضهم للبرنامج، فكان التيار السلفي هدفاً مباشراً في تلك الندوة... وهذا يذكّرنا بذلك الموقف الذي وقفه تيار إسلامي آخر، منذ أقل من عام واحد، ضد مناقشة وطرح "مشروع قانون الأحوال الشخصية" في البرلمان، ويذكّرنا بتلك الوسائل التي إتبعها ذلك التيار للتصدي ضد تشريع هذا القانون خارج إطاره الطائفي... ويذكّرنا أيضاً بإنه لم يصدر أي إحتجاج بهذا الحجم من جمعية العمل الديمقراطي ضد ذلك الموقف، لا بل كان هناك إلتزام ضمني من الأخوة في الجمعية بموقف التيار الرافض لمناقشة ذلك القانون، تحت ذرائع وحجج واهية... ولم نسمع منهم بأن موقف ذلك التيار الإسلامي يعد وصاية على المجتمع وخرق لحقوق المرأة وإنسانيتها...
فيا ترى هل هناك أي توافق بين الموقفين؟ وهل برنامج "الأخ الأكبر" يأتي في منزلة أهم وأجدى للمجتمع من "قانون الأحوال الشخصية"؟ أم إن التمسك بالخطاب التعبوي، بعيداً عن الثوابت الفكرية هي السمة الرئيسية الطاغية في بلورة المواقف في هذه المؤسسات؟...


كلمات دالة: