مطالب الإعلاميين والمطلوب منهم

لا زال الحديث مستمراً، في الوسط الصحافي والإعلامي البحريني، عن قانون المطبوعات والنشر، وما يفرضه من قيود على حرية التعبير والنشر، وذلك التناقض الذي يشكله هذا القانون مع نصوص ميثاق العمل الوطني والدستور البحريني في إحترامهما لحق حرية التعبير عن الرأي ولدور الصحافة الحرة والمسؤولة. بإختصار، لقد طال الحديث عن مطالب الإعلاميين المشروعة، وأخذت هذه المطالب طريقها، ضمن مختلف القنوات، إلى أصحاب القرار والتشريع...

ولكن ما لم يتم الحديث عنه، بشكل واضح وجرئ، في مجتمعنا البحريني، هو الشق الثاني من هذه القضية الهامة والمصيرية، ألا وهو، ما المطلوب من إعلاميينا عامة، وصحفيينا وكتابنا خاصة، من حيث حقيقة الكفاءة المهنية والثقافية للواقع الصحفي خصوصاً والإعلامي عموماً في البحرين، تلك الكفاءة التي يجب أن تلقي بظلالها على ممارسة تلك الحريات المطلوبة في النشر والتعبير عن الرأي، وهو الشق الثاني للمعادلة إن كنا نطالب بحقوقنا في الحرية على أسس استراتيجية وسياسية ووطنية ومهنية عالية... وهو تساؤل مشروع، خصوصاً إذا علمنا إن هذا المجتمع لا زال يترنح تحت آثار القوانين والعقوبات التي قيّدت الحريات لعقود طويلة، ولا زال يعاني من إفرازات تلك القوانين وذلك العصر... إفرازات يمكن تشخيصها في سلوكيات الحظوة والتبعية والطائفية والعصبية من جهة، وثقافة السوق الإستهلاكية من جهة أخرى، تلك السلوكيات والثقافات التي لا زالت تتمركز في مواقع محورية من عموم الجسم الإعلامي البحريني كما تتمركز في مواقع أخرى في هذا المجتمع... فهل يمكن تجاوز هذا الواقع الإعلامي الخطير دون كشف أعراضه وعلاجه؟
إذن ضمن هذه المرحلة الإنتقالية التي نعيشها، ولكي نحقق تحولاتنا ضمن رؤى استراتيجية مدروسة... هناك التزام أدبي ووطني على جميع النخب المثقفة مواجهته، من خلال طرح ذلك التساؤل الهام والخطير، وهو... هل الجسم الصحفي في البحرين يملك المؤهلات والكفاءات المهنية والثقافية والوطنية الحقيقية التي تؤهله لتحمّل هذه المسؤولية الوطنية الكبرى؟... أم إن هذا الجسم بحاجة للفحص والتشخيص والعلاج والتدريب على هذه الممارسات الجديدة!!... تساؤل يفرضه واقع إعلامي يشكو الكثير، ولا يمكن أن نرمي كل مشاكله على نصوص التشريعات أو ممارسات عليا... وتساؤل يحفّز القارئ القدير على فرض واقع جديد يحقق طموحه الثقافي والوطني من خلال ذلك الإعلام... دون أن يكون تسـاؤلنا هذا مدخلاً للتراجع عن المطالب الحقيقية حول حاجتنـا الكبرى لتشـريعات حماية الحريات الصحفية والنشر وحصانة حرية التعبير عن الرأي، ودون أن يكون مدخلاً لتأويلات وتفسيرات سلبية...


كلمات دالة: