مقتطفات من أفكار نعوم تشومسكي...

عن طريق البريد الالكتروني إستلمت نص حوار صحفي، مثير وهام، مع الأكاديمي الإمريكي الاشهر، نعوم تشومسكي، ولكونه أكثر المفكرين إنتشاراً في الغرب من خلال كتبه الأكثر رواجاً... وجدت من الأهمية نشر بعض من مقتطفات ذلك الحوار، للتنوير بالفكر الغربي... يقول تشومسكي:
"لاعتقال صدام حسين معنى رمزي لا أكثر، فالناس لم تعارض حرباً في العراق لأنها افترضت أن صدام ما كان ليعتقل أبداً. والمشكلة في العراق ليست هذه، فالمدهش في الأمر هو أننا نجد أنفسنا في بلد مدمر عملياً من جراء العقوبات التي فرضت عليه طويلاً، حيث كان هناك طاغية، لكن هذا الطاغية لم يعد هناك، حيث لا يوجد دعم عالمي لأي نوع من المقاومة للاحتلال الأميركي وتسيطر الولايات المتحدة على جميع الموارد الطبيعية، وقد أجبرت مجلس الحكم العراقي على قبول برنامج اقتصادي يبيع العراق للرأسمال الأجنبي، وحيث تستطيع الولايات المتحدة انفاق الأرصدة التي تريدها على حملتها العسكرية، وذلك يبدو احتلالاً سهلاً إلى أقصى حد، ويتطلب عبقرية غير عادية لإفشاله... ومع ذلك، فلقد فشلت الولايات المتحدة حتى الآن. والألمان كانوا أفضل بكثير في السيطرة على أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية، حيث شكلوا حكومات محلية، مثل حكومة فيشي، مع قوات أمنية محلية، لكنهم كانوا وراء هذه الحكومات بشكل واضح. وروسيا فعلت الشيء نفسه مع بلدان أوروبا الشرقية، حيث وضع دمى محلية في تلك الدول، ووقفوا خلفه، ولقد حدث كل هذا في ظروف أشد قسوة إلى أقصى حد مما وجده الأميركيون في العراق".


"لقد تحدثت حول ذلك الفشل مع مسئول رفيع في إحدى المنظمات الرئيسية للمساعدة الإنسانية، والذي لا أستطيع ذكر اسمه، وهو رجل ذو خبرة هائلة على امتداد العالم كله وشاهد كل شيء، وكان عائداً من بغداد بعد قضاء بضعة أشهر هناك، وكانت تسيطر عليه مشاعر الاستنكار والدهشة. قال لي إنه لم ير أبداً تركيباً مماثلاً للعجرفة والجهل وعدم الكفاءة كالذي يجسده الاحتلال الأميركي في العراق. وربما كان على حق، فالعجرفة القصوى وعدم الكفاءة التامة والجهل المطلق هي ميزات الاحتلال في العراق، ذلك أنه إذا كانت للمرء قوة مثل قوة الولايات المتحدة، فلماذا يقلق حيال هذه الصغائر؟ وعملياً فإن الأميركيين يستطيعون استخدام القوة الوحشية كما يحلو لهم، لكني أشك بأنهم سيتمكنون فعلياً من السيطرة على العراق يوماً ما، مهما كلف ذلك".
"عندما التقى بوش وبلير وأزنار في القاعدة العسكرية الأميركية في الأزو وأعلنوا الحرب، قالوا بوضوح لا لبس فيه إنه حتى لو ترك صدام وشركاؤه البلاد، فإنهم كانوا سيدخلون العراق بقواتهم. وهذا يثبت كم كان قليل الأهمية اعتقال صدام من وجهة نظرهم. والشيء الوحيد الذي اهتموا به كان التأكد من أن العراق سيبقى كدولة تابعة ومنقادة للولايات المتحدة، وأن يقبل ببرنامج ليبرالي جديد متطرف يترك كل موارد العراق بين يدي الشركات الأجنبية".
"أما بالنسبة للنفط العراقي، فهو مسألة بعض الوقت وسيكون بيد الأميركيين، والخطوة المقبلة التي تم الإعلان عنها ولا ينقصها سوى التنفيذ، هي اتفاق (على الرغم من أن كلمة اتفاق تعتبر شيئاً غريباً بالنسبة لمعاهدة أحادية الجانب إلى هذا الحد) يضمن أن الحكومة الوحيدة التي ستوافق عليها الولايات المتحدة في العراق ستكون حكومة تسمح لها بالبقاء هناك مع قواعد عسكرية".
"يجب أن نتذكر أن الولايات المتحدة لم تعد القوة الاقتصادية الوحيدة في العالم، فهناك ثلاث كتل أخرى مساوية لها تقريباً، واحدى هذه الكتل مكونة من بلدان أميركا الشمالية جميعها، والاخرى هي أوروبا، على ألا ننسى كتلة شمال شرق آسيا التي تعتبر بوضوح الكتلة الأكثر ديناميكية، والتي من الممكن ان تتحول سريعاً الى مركز الاقتصاد العالمي، مع الأخذ بعين الاعتبار ان الولايات المتحدة لا تسيطر اليوم إلا على القوة العسكرية، وأن الحكومة الاميركية تتصرف بشكل فاحش لصالح الأغنياء فقط، حيث المثال الأكثر وضوحاً يتمثل في كيفية قيامها بالقضاء على جميع الإنجازات التقدمية في القرن الأخير لتدخل السعادة الى قلوب الأغنياء".
"في حديث سابق كانت إشارتي بالنسبة لأحداث 11 سبتمبر تتلخص حول، إذا كان الأمر جريمة عندما يرتكب ضدنا، فهو كذلك ايضاً عندما نرتكبه نحن ضد الآخرين".


كلمات دالة: