هكذا أُسِرَ الرئيس العراقي

في مزرعة لمجاهدة عراقية عجوز، بأحد البساتين العراقية في مدينة راوه، كان صدام حسين يقضي تلك الساعات الأخيرة مع عدد صغير من الشباب لم يبرحوا يرافقوه كظله لحماية حياته، من بينهم أثنين من أبناء السيدة المجاهدة صاحبة المزرعة... حينما سمعوا ذلك الصوت، غير المعهود، لطائرة أمريكية تطير بسرعة البرق فوق منطقتهم... ومع اختفاء الصوت أعلن الرئيس بإن غازاً أطلق في فضائهم... وفي لحظات خرج الرئيس مع مرافقيه وما يحملون من أسلحة ليستقلوا القارب المعد سلفاً لنقلهم عبر نهر دجلة إلى الضفة الأخرى... "وكان الرئيس لا يتحرك بدون الحزام الناسف الملفوف حول جسده، والاعتقاد كان بإن الوصول إلى القارب سوف يكون أسرع من أي شيء آخر"...

هكذا روت تلك المجاهدة الرواية مسترسلة "ولكنني تفاجأت بأنني أصحو متثاقلة من نوم عميق لا أعرف كم استغرق من الوقت، وكذلك حال من معي في البيت، وباسترجاع ذاكرتي حول الأحداث التي سبقت نومي هذا، انطلقت بتثاقل شديد خارجة من البيت للتأكد من سلامة من غادرونا... لأفاجأ بوجود القارب في مكانه، وإن كميات من القيء بلون غير طبيعي كانت تتوزع قبل مسافة قصيرة من مرسى القارب... فتيقنت بإن ذلك الغاز المخدّر قد غدر بنا جميعاً، ولم يترك الفرصة للرئيس ومرافقيه بالمغادرة إلى بر الأمان"... هكذا روت تلك المرأة العراقية الوقورة قصة إعتقال الرئيس العراقي الأسير الذي تم بالتخدير بالغاز المنوم والمخدر للأعصاب، لتؤكد بإن ذلك الغاز انتشر في مساحة كبيرة من تلك المنطقة الزراعية الشاسعة وأدى إلى نفوق أعداد كبيرة جداً من المواشي والدواجن... وعندما سئلت عن تلك الحفرة التي قيل عن وجود الرئيس فيها، ذكرت بإنه ملجأ، وليس بحفرة، وتم بناؤه منذ سنوات بالقرب من مزرعتها، عندما كانت القيادة العراقية تحث العراقيين ببناء الملاجئ المحكمة بالقرب من بيوتهم لحمايتهم من الغارات الجوية، ولم يتم استعمال ذلك الملجأ منذ إنشائه، وغالبية البيوت العراقية لديها ملاجئ شبيهة... أما بالنسبة لتاريخ الأسر، فأكدت إنه حدث بين يومي 12-13 ديسمبر/كانون الأول 2003.
بقيت أسرار إعتقال الرئيس العراقي طي الكتمان لسبب واحد، وهو إنها ملك لطرفين أثنين فقط، الطرف الأول هو قيادة الإحتلال الأمريكي التي ليس من مصلحتها إظهار الحقائق التي يمكن أن تكون في صالح القيادة العراقية، فتعمل على إخفائها ونشر الأكاذيب التي تختلقها... والطرف الثاني هو أقرب المقربين من الرئيس العراقي الذين لازال الإرهاب الأمريكي مسلطاً عليهم وعلى جميع أفراد عوائلهم حيثما كانوا، سواء في داخل العراق أو خارجه... ولأن الحقائق يمكن إخفائها ولا يمكن إعدامها، فإن الوصول إليها لن يكون صعباً لمن يبحث عنها، مهما طالت فترة البحث... وهكذا تمكنت كاتبة هذا المقال الحصول على هذه الحقائق من مصادرها الأصلية.
فهذا ما روته شاهدة رئيسية على أسر الرئيس العراقي، ولم تذكر أي شئ عن ما سبق ذلك الأسر أو ما لحقه لأنها لم تكن شاهدة عيان عليه... وهناك شهادات كثيرة سوف تظهر مع الزمن لتؤكد كذب الإدعاءات الأمريكية التي تهدف إلى إنهاء هذه الأمة بتحطيم إرادة أبنائها وتحويلها إلى أمة مهزومة، فاقدة للأهلية والشرعية في إمتلاك مواردها ومبادئها، وفاقدة للأحقية في الاستقلال والسيادة، لتسهيل عملية الإحتلال وتمرير المخططات الاستعمارية... إنهم يوجهون أذهاننا بمتلازمة القوة والإعلام، فاستطاعوا أن يوجهوا أذهاننا إلى تحقيق أهدافهم، فتمكنوا من إحتلال العراق... ولكنهم وقعوا في الفخ الذي أوقعهم إعلامهم فيه... أليس هذا الإعلام الكاذب هو من قال بإن الشعب العراقي الضعيف سوف يستقبل المحتل بالورد والرياحين... وهكذا نصب المحتل فخاً ووقع فيه ... وليس معلوماً إن كان يستطيع الخروج منه... كيف يخرج منه وهناك ثمانية وعشرين مليون عراقي ينتظر كل فرد منه أخذ ثأره من هذا المحتل بيديه... ثأر أبناء استشهدوا وبنات اغتصبوا و دولة دمرت وسيادة أهدرت.