ملتقى الشباب البحريني... مع التحية

كانت مبادرة متميزة، وكان جهداً كبيراً، ذلك الذي قام به أعضاء جمعية ملتقى الشباب البحريني يوم الأحد 18 يوليو 2004، ضمن برنامجهم الحافل "صيف الملتقاويين"... إذ تمكن هؤلاء الشباب من جمع أكبر عدد من الفعاليات البحرينية مع أكبر عدد من الشباب البحريني المهتم بالشأن العام تحت سقف واحد في حلقة نقاشية كبرى تداخل وإختلط فيها جيلين مختلفين، عمراً وفكراً، تحت شعار "الحوار الديمقراطي"، بالتعاون مع المعهد الوطني الديمقراطي (مؤسسة أمريكية ... كانت فعالية متميزة، رغم عدم تمكنهم من الإلتزام بإدارة الوقت حسب الجدول المعد له سلفاً، ورغم فشل مدير الحوار في إدارة ما تبقى من الوقت، مما تسبب في بتر المناقشات، والقصور في بلورة جدوى تلك الفرصة النادرة من لقاء وحوار الأجيال.


يتميّز أعضاء ملتقى الشباب البحريني بجديتهم وحيويتهم في الإعلان عن أنفسهم وفي نشاطاتهم، مما دفع بهذه الجمعية أن تكون رقماً فاعلاً وحاضراً في المجتمع المدني البحريني... وهنا يجب أن يُذكر إن أحد أسباب تميّز هذه الجمعية يكمن في نسيجها العضوي المتآلف والبعيد عن التمييز الجندري أو الطائفي أو المناطقي... أما أهم أسباب تميّزها فيكمن في تفردها بالإستقلالية الإيجابية على خلاف باقي الجمعيات الشبابية... فهذه الجمعية، وهي تعمل على إبراز شخصيتها المستقلة، تحاول عدم الإلتزام أو الإنتماء كتابع للأحزاب أو الجمعيات السياسية التي تدور في فلكها الجمعيات الشبابية والنسائية الأخرى، ومؤخراً إتحاد النقابات العمالية... كما تتميز بإيجابيتها في التعامل مع الشأن العام والعمل الوطني، بخيارات جديدة، ومختلفة عن الأداء السياسي للجيل الذي سبقهم... وهكذا يمكن أن تخلق هذه الجمعية الشابة رافداً من روافد التغيير المطلوب في مجمل العمل السياسي والشبابي في منطقتنا... مما يُحَمّل هؤلاء الشباب، في الجانب الآخر، مسئولية كبرى للمحافظة على إستقلاليتهم الإيجابية هذه بالحذر من أن تُوسم توجهاتهم أو مسيرتهم أو جمعيتهم بالتبعية والتعامل مع المنظمات الأجنبية التي تُمَثّل سياسات غير مقبولة لدى قطاع كبير من المجتمع.
لهذا الجيل الشاب المتميّز، والذي نتوقع منه ونتمنى له، مستقبل ناجح في أدائه الوطني والسياسي والمهني، لهؤلاء الشباب، نضع هنا بعض الملاحظات على تلك الحلقة الحوارية التي ناقشوا فيها مختلف القضايا والأمور الوطنية...
- كان واضحاً من التقارير، إن عدد كبير من الشباب المشاركين في تلك الفعالية (من خارج إطار الجمعية) يمثلون الأحزاب والجمعيات السياسية المختلفة، رغم محاولاتهم بالتظاهر بالإستقلالية، وجاء طرحهم نسخة من طروحات تلك الجمعيات التي أصبحت تُدعى "بالمقاطعة والمشاركة" وغيرها... وهذه التبعية أوقعت أو سوف توقع هؤلاء الشباب في كل السلبيات التي مارسها الجيل السابق، والتي وصفها الشباب أنفسهم بمصطلحات مثل (تدني الديمقراطية وممارسة الإقصاء والتهميش للرأي الآخر).
- تبنى هؤلاء الشباب نفس المشاكل والطروحات التي تبنتها جمعياتهم السياسية كملفات تفاوضية مع السلطة، ولم يأتوا بأية رؤية خارج ذلك الإطار، رغم إن مجتمعنا يعاني من أوجه قصور متعددة بحاجة إلى رؤية عصرية في الطرح والنقد والعلاج... على سبيل المثال: قصور الدولة في وضع سياسات تخطيطية واضحة في مجالات حيوية مختلفة، وأهمها في مجال السكان، حيث تدل جميع المؤشرات إلى حاجة البحرين إلى سياسة سكانية واضحة ومعلنة، كآلية أساسية نحو إيجاد ووضع حلول جذرية لغالبية المشاكل التي يعاني منها المجتمع البحريني، كالبطالة والإسكان والتعليم والصحة وغيرها... أين هؤلاء الشباب من هذه المشاكل ومن ثقافة النقد الإيجابي والهادف...
- كانت مطالبات الشباب بإدماجهم في مجالس إدارات الجمعيات السياسية، إشارة إلى إحساسهم بالضعف وعدم القدرة على أداء أدوارهم بعيداً عن وصاية وأبوية الكبار... وهذه مشكلة بحد ذاتها، لأن العمل السياسي لا يتفق مع الضعف، والقوي هو الذي يفرض وجوده الفردي والجماعي في كل المحافل بهدف إستمرار التحديث والتطوير... والقوة تستمد من إمتلاك المعرفة والثقافة والوعي الحضاري... فالسؤال هنا، لماذا يريد الشباب أن يكونوا جزءاً من الجمعيات السياسية التي يسيطر عليها الكبار قلباً وقالباً؟... ومن المعروف إن الشباب المستقل والمتحرر من قيود الكبار هو القوة الفاعلة والمحركة في كل المجتمعات التي لا تعرف التبعية والعمل تحت الأبوية المهيمنة.
وتحياتي...


كلمات دالة: