إلغاء المقاطعة، وتطبيع العلاقات والأسوأ قادم . . .

في الخليج العربي، الذي عملت أطراف متعددة منذ وقت مبكر، على سلخه من واقعه ومصيره العربي ومارست عليه أقسى أنواع الغزو الثقافي في ظل الثروات النفطية التي هدرت على مدى أكثر من ثلاثة عقود، في هذا الخليج ربما لا يعرف الجيل العربي الجديد ما سبب تمادي الأنظمة الحاكمة العربية في غيها باتخاذ قرارات ضد ارادة شعوبها . . ولربما لا يعلم هذا الجيل أيضاً مدى هذا الغي عندما يتعلق الأمر بالشأن القومي نسبة لما يراه على المستوى الوطني من رفاه خدماتي . . . ولربما تمكن الغزو الثقافي الغربي والشعوبي من السيطرة على فكر وثقافة هذا الجيل البائس . . .

إلا أن التمادي المستمر في الغي والخطأ بدأ يوقظ هذا الجيل منذ سنوات، ولا يزال يعمل على صحوته كل يوم. وفي الجانب الأخر، أصبح جيل التكنولوجيا هذا مطلعاً، عبر كل وسائل الإتصال والتواصل التكنولوجي والمعلوماتي، على كل الممارسات المتوحشة واللاإنسانية التي يمارسها المجرمون و |مدعو الديمقراطية|، في الأرض العربية، من فلسطين إلى العراق وإلى باقي أراضي المسلمين، فبدأوا بتمييز الصواب من الخطأ، والصدق من الكذب، والحقيقة من الزيف، فلن يكون الغد بالنسبة لأمة العرب والمسلمين كما كان الأمس، فواقع اليوم البائس بدأ يوقظ العقول والقلوب الإنسانية في هذا الجيل من دون الحاجة إلى عقائد وعصبيات أو الرجوع للتحليل الثقافي لمعرفة الأسباب والنتائج، فأصبحت ثقافة الصورة التي بثتها السياسات الغربية علينا سلاحاً ذا حدين، فبدأت أجيالنا الشابة برفض كل الممارسات الغربية القمعية والوحشية ضد العرب والمسلمين عكس ما ينطق به إعلامهم المضلل، والتي يشاهدها كلها على شاشات الفضائيات والصحف والمجلات المختلفة . . .
ولأن الشعب العربي عموماً يكتشف كل يوم الإنفصام المتزايد بينه وبين الأنظمة العربية، وإن طموحات الشعب ونضالاته ومشاعره هي مختلفة عن رغبات وقرارات ومصالح تلك الأنظمة الحاكمة، فإنه بات واضحاً بأن على هذا الشعب أن يحكم زمام أموره وإرادته ويقوم بتنظيم صفوفه لرفض التهميش والإقصاء الذي تفرضه عليه أنظمته، وإنه أكثر من أي وقت مضى، أصبح لزاماً عليه أن يمارس سياسة الاعتماد على الذات لإثبات أحقية وشرعية قراراته وإرادته . . . وهذا ما يجب التأكيد عليه في مواجهة كل القرارات السلطوية التي تفرض على مجتمعاتنا الخنوع للتطبيع والتعامل مع إسرائيل، مهما كانت الأسباب والظروف.
لهذا ننادي المجتمع العربي البحريني لمواجهة قرار التطبيع مع الكيان الصهيوني، ومن المؤكد أن هذا المجتمع لهو قادر على القيام بأدوار أكثر فعالية من الدور الذي قام به القرار الرسمي لمقاطعة إسرائيل، والذي كاد الناس أن ينسوه، وإذ بهم يعملون على إرجاعه إلى مقدمة الذاكرة الجماعية العربية . . . فحان الوقت أن تفعل إرادة الشارع البحريني بالتحدي الذي يواجهه من الصهاينة والشعوبيين والهيمنة الغربية.
وكل ما هو مطلوب تفعيل ثقافة المقاطعة بين كل الفئات العمرية والاجتماعية، وتفعيل المقاطعة لكل المنتجات والخدمات بدقة منظمة واستخدام كل الخبرات المعلوماتية لإطالة عمر هذه المقاطعة، والإصرار على مقاطعة كل الأفراد والشركات والمؤسسات التي تتعامل مع إسرائيل عن قريب أو بعيد . . . وفي هذا يمكن اتباع واكتشاف العديد من الوسائل الفاعلة على مختلف المستويات، وكل المطلوب هو التصميم وبعث روح النخوة العربية والتفاعل الإنساني ضد الجرائم البشعة التي تمارسها إسرائيل والولايات المتحدة والمملكة المتحدة في حق الشعب العربي والإسلامي . . .
قاطعوهم بنفس طويل ولا تيأسوا، ولا تخدعكم أقاويلهم بعدم تأثير تلك المقاطعة في اقتصادهم . . . لأن القوة التدميرية للمقاطعة الاقتصادية الطويلة والمستمرة تعادل قوة الدمار الشامل في أسلحتهم الفتاكة . . .
قاطعوهم بأقوي إيمان وسيكون النصر حليفكم بإذن الله . . .
قاطعوهم . . . وقاطعوهم . . . بكل ما أوتيتم من قوة . . .


كلمات دالة: