"خطاب الوعي والانتماء العروبي الإسلامي"

العنوان أعلاه مقتبس من مقال الكاتب السعودي، الزميل "مهنا الحبيل" (صحيفة الشرق "القطرية"، 11 أكتوبر 2005)، في مجال عرضه لـ "أقوى وسائل المقاومة الفكرية" التي تحتاجها الأمة العربية والإسلامية عموماً والساحة الخليجية خصوصاً "لوأد الفتنة الطائفية وتقوية الانتماء العربي الإسلامي" أمام "المشروع الإيراني الذي ارتفعت الأصوات ضده الآن بعد أن رأت وجوده المباشر والواسع في جنوب العراق"...
نعم، إن غياب خطاب الوعي والانتماء العروبي والإسلامي الذي يتم محاربتهما منذ ثلاثة عقود، كان أحد أهم أسباب استقواء الهجمات الشعوبية والاستعمارية والصليبية المتتالية على هوية الامة العربية وعقيدتها الإسلامية، تلك الهجمات التي أسفرت عن نفسها، وكشفت عن نواياها وأهدافها، مع بداية القرن الميلادي الواحد والعشرين، كمؤشر لإنطلاق عمليات مشروع الإمبراطورية الأمريكية (مشروع القرن الأمريكي الجديد) التي تعد المنطقة العربية والإسلامية وثرواتها قلبها النابض، وبدونها لن يكتب لهذه الإمبراطورية الحياة والنجاح والقوة والهيمنة.

أما أهم الأدوات التنفيذية لقيام هذه الإمبراطورية، بعد الكيان الصهيوني، فهو الطائفية والشعوبية التي أحيتها الأطماع الفارسية التاريخية ضد العرب والعروبة، باتباع فكر المشعشعين الصفويين الأوائل، المعتمد أساساً على الربط والتداخل بين السلطتين الدينية والدنيوية، والربط بين التبعية للقومية الفارسية العنصرية والولاء المذهبي الأعمى والمتطرف والمتعصب بالفكر الصفوي الدخيل على المذهب الجعفري الأثناعشري... مع التذكير بإنها ذات الأدوات والوسائل التي استخدمها ملوك "الدولة الصفوية" في فرض سيطرتهم على الخلافة الإسلامية ابتداءاً من عام 1501م إلى أن أسقط الأفغان دولتهم في عام 1727م (وهذا سبب العداء التاريخي الآخر بين القومية الفارسية والأفغان).
ومن الناحية الأخرى كانت أحداث 11 سبتمبر 2001 من أهم احتياجات إنطلاق المشروع الامبراطوري الأمريكي الدموي، لتكون الذريعة لإطلاق شبح الإرهاب، وليُعلَن على إثرها بدء الحرب على الإرهاب الذي ألصق بـ"الإسلام الفاشي"، كما جاء في خطاب بوش للمعهد القومي الأمريكي لتعزيز الديمقراطية في 6 أكتوبر 2005، ليُشَبّه الإسلام بخطر النازية والشيوعية على العالم، وعلى النفوذ الغربي في الشرق الأوسط، ويصف تلك الحروب والجرائم التي تقوم بها قوات التدخل السريع الأمريكية في العالم العربي والإسلامي بالحرب المقدسة ضد الإرهاب لإستهدافها "الايديولوجية الإسلامية الفاشية الدموية"...
ياترى ما هي تحصينات هذه الأمة وأسلحتها للدفاع عن العروبة والإسلام؟!، في ظل هذه الهجمة الهمجية الشرسة التي تعاقد وتشارك فيها الأعداء كلهم في مخطط استراتيجي واحد للنيل منها، ولكل شريك فيه أهدافه ومصالحه الخاصة التي تتقاطع مع أهداف ومصالح الآخر...
مهما تكن قوة تلك الأسلحة (إن وجدت)، فإنها لن ترتفع لمستوى شدة الأخطار المهددة لمصير المنطقة وتاريخها، ما لم يُستَحضَر خطاب الوعي بالانتماء العروبي والإسلامي، لبعث القوة والإصرار في روح الأمة أمام الزحف الصفوي والصليبي المهدد لوجودها... هذا الوعي الذي تأسست عليه المقاومة في العراق لتكون في صفوف القتال والمواجهة الامامية لصد هجمات الغزاة والمحتلين، فمسكت بناصية القوة والشجاعة وحققت ولا زالت تحقق الانتصارات في تحقيق أهدافها أمام أشرس وأبشع القوى المجرمة والمضطهدة لحقوق الشعوب...
أن الخطر الشعوبي والصليبي بات قاب قوسين وأدنى من كل الأمة، منفردين بكل بلد عربي صغير على حدة، فلا أمل لهذه البلدان منفردة في النجاة ما لم تتمسّك بكل أركان المقاومة العربية الإسلامية في العراق، بدءاً بدعم الخطاب والوعي بالانتماء العروبي والإسلامي على كافة الأرض العربية والإسلامية، وانتهاءاً بالعمل المسلّح الذي لا يعرف العدو لغة سواها، وإلا فإن هذه الأنظمة ستكون أولى ضحايا تلك الهجمات المتتالية على المنطقة بأسرها...
ساندوا المقاومة العربية الإسلامية في العراق، ليعرف الصليبيون إن الإسلام دين حق وليس "أيديولوجية فاشستيه" مبدؤها الغزو والإحتلال والقتل والاغتصاب والتدمير، كما يفعل الغزاة في العراق وفلسطين...
ساندوا المقاومة العربية الإسلامية في العراق ليعرف العالم إن العرب أمة الحضارات الإنسانية التي لا يستعبدها الغزاة والمجرمون والقراصنة والعنصريون.... وليكتب لهذه الأمة النصر والبقاء.