بعد قوانين قمع الحريات في بريطانيا (العظمى) جاء دور فرنسا (قانون الطوارئ في مدينة الحرية)

خلال الخمس سنوات الأخيرة تم استخدام العرب والإسلام إعلامياً أبشع استغلال لفرض اقصى قوانين قمع الحريات في الغرب الأوروبي والأمريكي، بدءاً بما تم تشريعه في الولايات المتحدة الأمريكية مباشرة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، لتتبعها المملكة المتحدة بعد تفجيرات محطات القطار في 7 يوليو 2005، إضافة إلى ما تم تشريعه في ما بين الفترتين من قوانين دولية تحت عنوان الحرب على الإرهاب، التي من أهم مظاهرها هو الربط بين الإرهاب والعرب، والإرهاب والإسلام، في كل أنحاء العالم... وبهذا تتواصل السياسات الاستعمارية التي بدأتها هذه الدول الغربية في المنطقة العربية منذ بدايات القرن العشرين (سايكس بيكو)!!. فبعد استعمار استمر يعمل على مدار قرن كامل على تشكيل هذه المنطقة لتكون مجزأة وخالية من كل أنواع الحريات، ضعيفة ومسلوبة الإرادة والاستقلالية، منزوعة من كل إمكانيات البناء الذاتي، لإبقائها منطقة مشلولة وتابعة للغرب في كل متطلبات ومستلزمات استمرار الحياة، بعد كل ذلك ومع بدء القرن الميلادي الواحد والعشرين انتقلوا إلى المرحلة التالية في مشروعهم الاستعماري، وهي مرحلة إنهاء وجود هذه الأمة العربية والإسلامية ديموغرافياً، أي إنهاء الوجود العربي والإسلامي في هذا الحيّز الجغرافي الغني اقتصادياً وجيوسياسياً على الكرة الأرضية...

فجاءوا بعملية تحويل العروبة والإسلام إلى وحش قبيح وغاضب لا يعرف غير لغة العنف والحقد والغضب والقتل ويصب بغضبه وحقده في تدمير "العالم الغربي المتحضر! والمتمدن! والديمقراطي!"، ليفرضوا على العالم محاربة هذا العربي المسلم، إما بالاحتلال والقتل بالقنابل والصواريخ، وإما بالترويض، سواء في السجون وبواسطة ماكينات التعذيب البشرية، أو بالتعليم للتخلص من كل سمات الشخصية العربية والإسلامية في مدارس تخلو من كل علوم التاريخ التي تشير إلى وجود وتاريخ الأمة الممتد إلى بدء البشرية، ومن كل العلوم الإنسانية التي تصب في خلق الإنسان الكريم والفخور بأصله وتاريخه، وكل علوم العصر التي تجعل من هذه الأمة قوة مستقلة وغير تابعة... فبدأوا بتوريط الإسلام والعروبة بأحداث 11 سبتمبر، ليواصلوا بعدها بضرب وقتل الشعب العربي المسلم على أرضه وفي مدينته وحيّه وبيته بشكل سافر ومباشر، دون أي استنكار دولي على ما يتعرض له من مذابح وحرب إبادة وإرهاب يومي، أو أي استنكار لسياسات المستعمر الجديد الوحشية واللاإنسانية... بل بدأ العرب والمسلمون يستشعرون جيداً بعدم عدالة الموقف الدولي وسياسات الدول الكبرى والأمم المتحدة إجمالاً مما يشنه عليهم المستعمر الغربي الأوروبي والأمريكي من إرهاب وحروب مستمرة دون انقطاع، تزيد أضعافاً مضاعفة عن دكتاتورية الأنظمة التي يعيشون في ظلها. فكانوا عادلين فقط في توزيعهم للظلم على أبناء هذه الأمة في كل المجتمعات التي يعيشون فيها، سواء في المجتمعات العربية المسلوبة الإرادة في ظل حكوماتها التابعة والملبية لسياسات الغرب المفروضة عليها بجميع أشكال القوة، أو في مجتمعات الغرب التي هربوا للعيش فيها طلباً للعدالة والحياة الكريمة.
ولكن، لا يمكن إلا أن يكون قانون الطبيعة أقوى من كل قوانين ومخططات البشر، ولا بد من أن يكون لكل فعل رد فعل يساويه في القوة، ويعاكسه في الإتجاه... فكلما كان المحتل والمستعمر والظلم أقوى وأشرس وقعاً، كانت مقاومته بذات الدرجة والشراسة والقوة... وكلما ازدادت معاناة الشعوب كان انفجارها أكثر تدميراً وقوة... وما تلك الأحداث القوية التي بدأت باكتساح المجتمعات الغربية، بوتيرة مواكبة لوتيرة وحركة المقاومة في العراق، لهو أكبر شاهد ودليل على بدء انفجار بركان الشعوب ضد اختلال موازين العدالة الدولية والإنسانية على سطح الأرض، منذ أن أوحى إله البيت الأبيض إلى الرئيس الأمريكي، جورج بوش، بغزو أفغانستان واحتلال العراق، ليكشف كل ما هو مستور من زيف الحضارة الغربية وعدم عدالتها، وما تمارسه من جرائم اغتصاب الحقوق والحريات من خلف ستار الديمقراطية التي باتت مجرد كلمة فارغة وجوفاء ومحط الاستهزاء والسخرية.
فها هي المجتمعات الديمقراطية تتفجّر بغضب الجماهير المغلوبة على أمرها في نيوأورليانز ومختلف المدن والولايات الأمريكية التي يعتاش على فقرها أثرياء المجتمع الأمريكي، وكذلك في المدن الفرنسية والأوروبية الفقيرة بعد أن شبعت من عنصرية الديمقراطية الغربية التي أبقت أجيالها الأوروبية المتتالية ذوي الدم العربي والمسلم والأفريقي في قعر سلم المجتمعات... وبقليل من إرهاب الشعوب تم فرض قوانين الطوارئ واقسى قوانين قمع الحريات في أكبر دول أوروبا "الديمقراطية"، لتعتقل وتقتل مواطنيها دون محاكمة أو تهمة مباشرة، فأية ديمقراطية ديكتاتورية، وأية ديمقراطية عنصرية هذه التي يتغنى بها المستعمر علينا...
فيا ترى ألن تخلق هذه الديمقراطيات العنصرية والديكتاتورية والقمعية إرهابيين بجنسيات غربية مختلفة؟