هل سيكون الانسحاب الأمريكي، من العراق، مشرّفاً

لا يزال الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش مستمراً في الكذب على شعبه والعالم، والتباهي بإدارته وسياساتها الخارجية الاستعمارية المستلهمة من الإرادة الربانية، بما فيها قراره بشن الحرب على العراق بناءاً على التقارير الاستخباراتية الخاطئة (وهي في الحقيقة كاذبة بسبق الاصرار والترصد)، وكل ما نتج عن تلك الحرب اللاشرعية وغير المبررة الأسباب والأهداف... لازال يتباهى بكل الدمار والموت الذي ينشره على أرض المعمورة، رغم كل ما يجري في الشارع الأمريكي من معارضة مباشرة وعنيفة ضد الحرب واستمرار احتلال العراق الذي يعيد لهم أبنائهم يومياً بالمئات محملين على النعوش المغطاة بالعلم الامريكي وعلى عربات المعاقين ذات الدفع الآلي، ورغم معارضة كل العالم لهذا الإحتلال الذي يزيد من وقود العنف والعنصرية بين مختلف النِحّلْ والأمم في كل انحاء العالم.
في آخر مؤتمر صحفي للرئيس بوش (19 ديسمبر 2005)، صرف أمام الحضور الكثير من الأكاذيب مذكراً شعبه بما وعدهم قبل عام حول ما سيحققه من انجاز ديمقراطي سريع في العراق، وأنه قد تمكّن من تنفيذ وعده بنجاح "الديمقراطية" في الانتخابات الأخيرة التي شارك فيها كل فئات الشعب بما فيهم "السنة"... ويعلم الرئيس الأمريكي وكل معاونيه وإدارته إن الهدوء النسبي الذي ساد العراق يوم الانتخابات كان بإرادة المقاومة العراقية، في محاولة لإنقاذ العراق من مخطط التقسيم الطائفي الذي ستقوم به أية حكومة شيعية موالية لإيران تأتي من خلال هذه الإنتخابات، رغم رفض المقاومة وكل أبناء العراق الأحرار لكل العملية السياسية الأمريكية.


ورغم إن هذه الانتخابات لم تنجح في إفشال قوائم إيران، بعد الكم الكبير من التزوير الذي مارسته الحكومة الحالية، إلا إنها تمكنت من تحييد كل قوائم الشر في العراق، بدءاً بقائمتي إياد علاوي وأحمد الجلبي اللتين فشلتا في استقطاب الشيعة والسنة معاً، رغم مساندة واشنطن لهما، بعد فشل كل محاولات الإدارة الأمريكية في الحصول على شخصية جديدة يقبلها العراقيون للانخراط في قائمة المرتزقة المتعاونين مع الاحتلال في ذبح العراقيين ومدنهم الذي لم يتوقف منذ ثلاث سنوات... لذلك يتندر العراقيون قائلين بإن إياد علاوي فاز في "المنطقة الخضراء" فقط...
طوال الفترة التي سبقت الحرب، وخلال السنوات الثلاثة للحرب والاحتلال، منذ مارس/آذار 2003، كانت الإدارة الأمريكية على علم تام بإن كل أفراد الحكومة الحالية في العراق غير مرغوبة، بل ومكروهة من العراقيين بشكل كامل... وكانت الإدارة الأمريكية تعتقد بإنها بعد الإحتلال ستتمكن من إغراء رجالات وأبناء العراق المخلصين من المشاركة في العملية السياسية لامتصاص غضب العراقيين والتخلص من المشاكل التي ستخلقها حالة الإحتلال... وفي النهاية توصلت هذه الإدارة لقناعة تامة بأن كل الشعب العراقي قد تحوّل إلى المقاومة وإلى حالة كبرى من الكراهية والعداء والغضب ضد الاحتلال والإدارة الامريكية، وضد كل من من جاء بالاحتلال ومعه لتدمير العراق وتحويله إلى سجن ومقبرة لأبنائه، كي تتمتع النخبة العسكرية والصناعية والسياسية الأمريكية بثروات النفط العراقي ويرموا بالفتات لأولئك المرتزقة الذين يخافون من جلب عوائلهم للعيش في العراق.
لكل ذلك، ورغم ذلك الهدوء النسبي الذي ساد العراق في أسبوع الانتخابات، بهدف تشجيع العرب بالمشاركة، إلا إن إحصاءات القتلى الأمريكان تثبت بإن تلك الهدنة لم تشملهم... والأخبار القادمة من واشنطن تقول التالي:
- عدد الجرحى في أسبوع الانتخابات (7 أيام) كان 106 جندي أمريكي؛ بمعدّل 15.14 جريح في اليوم، بينما وصل عدد الجرحى في الأسبوع السابق له (7 أيام) 74 جريحاً بمعدل 9.25 جريح في اليوم؛ وكان معدّل ارتفاع عدد الجرحى في اسبوع الانتخابات مقارنة بالاسبوع السابق له 40%؛
- "وحمل أسبوع الانتخابات العراقي مؤشرا آخر حيال عدد جرحى الجيش الامريكي، الذي تجاوز سقف الـ16.000 إصابة، ليستقر على 16.106 جريحا بنهاية يوم الاثنين. وتشمل الإحصائية جميع جرحى الجيش الامريكي منذ بدء الغزو في 20 آذار/مارس العام 2003... وتشير الإحصائية إلى أن 7.068 من الجرحي اعتبروا غير مؤهلين للعودة إلى الخدمة ما يعني أن إصاباتهم خطيرة، وأن العديد منهم إن لم تكن غالبيتهم قد أصيبت بإعاقات دائمة جسدية أو ذهنية أو انهم سيعانون من انعكاسات دائمة لإصاباتهم" (القدس العربي، نقلاً من واشنطن ـ يو بي آي).
أما أخبار القتال في الأسبوع التالي للانتخابات فتقول عن أحد معاركها التالي:
"تشهد مدينة العبيدي التي تقع بالقرب من مدينة الرمادي عاصمة محافظة الانبار السنية، ولا تعدو مساحتها الخمسة كيلومترات وتسكنها عشائر اغلبها ينتمي إلى قبائل الدليم الشهيرة في غرب ووسط العراق، منذ فجر امس (20 ديسمبر 2005) معركة شرسة بدأها جنود المارينز...
هنا بدات صولة الحق كما يصفها ابو عمر الملقب بأبي اليمامة حيث أقدم المقاتلون في دك الجيش الامريكي بقذائف الهاون من العيار الثقيل وصواريخ الكاتيوشا وصواريخ الجو أرض الروسية والمعروفة بالـ(سي فايف كي) وهي صواريخ ضد الدروع، هذه العملية اربكت الجيش الامريكي الذي بنى خطته كما في هجماته في مدن العراق على مواجهة العبوات الناسفة التي تقوم بعرقلته...
واعلن المقاتلون توحيد القيادة لجميع الفصائل لمجابهة عملية (ضوء القمر) في الانبار لكسر الجيش الامريكي الراغب في التوغل موضحين ان الكتائب التي تتبعهم في المدن الاخرى لن تشارك في العملية العسكرية بسبب سهولة التصدي للجيش الامريكي الذي يخسر حرب العصابات بسبب تعوده على سياسة الارض المحروقة، ما ادى، حسب اعترافه، الى استخدام الفسفور الابيض في معركة الفلوجة الاخيرة...
ويصر ابو عكرمة الانباري، وهو من احد الفصائل الاسلامية المقاتلة في المنطقة، على ان كثرة الهجمات التي يشنها الاحتلال الغازي على مناطق غرب العراق هي لاظهار مدى قوته المزيفة وهو يحتضر في ايامه الاخيرة في العراق فيعمد لقتل اكبر عدد من الناس الابرياء قبل ان يرحل، لا لشي معين بل ليقول في بياناته الكاذبة انه قتل وأسر المئات من المقاتلين، لكن هل تخفى الشمس بغربال؟... ويضيف: اننا اليوم في العراق نعرف جيدا بل ومتأكدين بأن بقاء الجيش الامريكي مدة عام آخر سوف يحطم صورة العملاق وهذا ما تخشاه امريكا وإدارتها"(القدس العربي، نقلاً من واشنطن ـ يو بي آي).
ولذلك تحاول الإدارة الأمريكية جاهدة تحقيق انسحاب "مشرف" أو "بماء الوجه" من العراق، كما جاء على لسان رئيسها... فهل سيكون الانسحاب "مشرفاً"؟؟!